تونس 22 جانفي 2011 (وات)- انعقدت عشية يوم السبت بتونس ندوة صحفية لممثلي وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية خصصت لتقديم مهام اللجان الوطنية الثلاث المكلفة بالإصلاح السياسي وبالنظر وبتقصي الحقائق في قضايا الفساد والرشوة وفي التجاوزات المسجلة في الفترة الأخيرة. وتتكون هذه اللجان التي اتخذت بناية مستقلة بشارع خير الدين باشا بالعاصمة مقرا لها من خبراء في القانون وممثلي الساحة السياسية والمجتمع المدني. وتتراوح تركيبة كل منها ما بين 10 و15 عضوا. وستشرع اللجان في تقبل الشكايات والنظر فيها إلى حد الوصول في نهاية المطاف إلى إعداد تقاريرها الثلاثة ونشرها للرأي العام. وستوفر المعلومات اللازمة لممثلي وسائل الإعلام وفقا لتطور أعمالها. كما ستكلف مسؤولا موحدا للاتصال يكون الوسيط بين الإعلاميين ورؤساء اللجان. وتولى رؤساء اللجان الثلاث خلال الندوة الصحفية تقديم أبرز المهام المنوطة بعهدة هذه الهيئات مؤكدين في ردودهم على أسئلة الصحفيين على استقلاليتها وحيادها من حيث تركيبتها ومهامها وأساليب عملها وكذلك النتائج التي ستفرزها. وأفاد السيد عياض بن عاشور رئيس اللجنة الوطنية العليا للإصلاح السياسي في هذا الصدد بأن اللجنة ستعنى بالإصلاحات السياسية الشاملة والكلية لجميع الجوانب والمؤسسات والقوانين بما فيها الدستور مبينا أن النظام السابق استغل القانون للطغيان والسيطرة وإقصاء غير الموالين من المساهمة في الحياة السياسية. وأكد أن لجنة الإصلاح السياسي ستتصل بجميع القوى السياسية والمدنية الناشطة في الحياة السياسية لتكون لها مشاركة فعالة وواضحة في كل أعمالها مبينا أن الاختيار سيكون اعتمادا على مقياس النزاهة وعدم مشاركة أي من الأشخاص في عمليات وضع التشريعات والأوامر والقوانين القديمة أو الحملات التي كانت تنوي وتهدف إلى تنصيب الرئيس السابق من جديد لسنة 2014 وأضاف رئيس اللجنة أنه قد بدأت بعد اتصالات أولية مع الأحزاب والشخصيات لاعتبار أن المشاركة في أعمال اللجنة ستكون متناصفة بين سياسيين ومجتمع مدني وخبراء في الحقوق. وقد يصل حسب قوله العدد إلى مائة شخصية فما أكثر. وبين أن من أوكد المسائل بالنسبة لهذه اللجنة هو تهيئة النصوص لكل ما يتعلق بالانتخابات وإصلاح المجلة الانتخابية كي يتمكن المترشحون من التقدم إلى الرئاسة دون أي عائق ويتسنى إجراء انتخابات حرة نزيهة طبقا لأهداف الثورة الشعبية السامية المنادية بالحرية والمساواة والديمقراطية ودولة القانون. وبخصوص مدى استقلالية هذه اللجان وعدم خضوعها إلى تعليمات صادرة من أطراف أخرى أوضح السيد عياض بن عاشور أن الأشخاص الذين تم تعيينهم على رأس اللجان اتسمت مسيرتهم الجامعية بالاستقلالية ولا تتقبل أي تعليمات أو تأثير من أي كان مؤكدا أنه إذا ما لمس أي من الرؤساء محاولات من أي كان للتدخل في سير أعمال اللجان فسيتم التصريح بذلك علانية إلى الرأي العام ليكون على بينة بما يحدث. وردا على سؤال يتعلق بالمصادقة البرلمانية على مشاريع القوانين الجديدة، أكد رئيس اللجنة أنه يجري الإعداد لهذه القوانين، لكنه لا يمكن للبرلمان الحالي الذي لا يتمتع بالمصداقية والمشروعية أن يقوم بالمصادقة على مشاريع هذه النصوص. وقال أن الرئيس الجديد هو الذي سيقوم بترتيب الساحة السياسية طبقا لمشاريع القوانين التي هيأت لها هذه اللجنة. وتعرض من جهة أخرى إلى إصلاح مجلة الصحافة أكد أن إعادة النظر فيها ستكون جذرية لتمكين جميع الصحفيين والمسؤولين على القطاع الإعلامي من أن يمارسوا مهنتهم بحرية وعدم الانحياز لهذا أو ذاك أما فيما يخص أخلاقيات المهنة فهي من مشمولات أهل المهنة. وأكد السيد عبد الفتاح عمر رئيس لجنة التقصي حول الرشوة والفساد من جهته أن هذه اللجنة ليست بلجنة تمثيلية بل فنية وتتألف من خبراء وفقا لطبيعة مهامها. وأفاد بأن هذه اللجنة ستضم خبراء في المسائل المالية وفي مراقبة الأموال العمومية وفي المحاسبة وفي المنافسة وفي القانون الجبائي والإداري إلى جانب خبراء في قانون الأعمال وفي البورصة وفي العمليات البنكية معربا عن الأمل في أن تضم اللجنة في القريب العاجل خبراء آخرين في مجال القانون العقاري والممارسة الديوانية فضلا عن إمكانية ضم أعضاء آخرين حسب ما تقتضيه الحاجة. وبخصوص مهام اللجنة شدد السيد عبد الفتاح عمر على ضرورة تقصي الحقائق من خلال البحث والتدقيق في كل الأفعال المتعلقة بالرشوة والفساد وفي كل الوثائق ذات الصلة، مؤكدا أنه سيتم التحقيق في الأفعال والوثائق مهما كان اسم المعني بها. وقال أن اللجنة ستستمع إلى كل الشهادات داعيا كل من بإمكانه التقدم بشهادات دقيقة ومركزة الاتصال باللجنة. وأضاف أن العمل سينطلق بناء على الوثائق والملفات المتوفرة في انتظار وثائق أخرى يمكن أن ترد على اللجنة. وفي ما يتعلق بحماية الوثائق العامة ولاسيما في المؤسسات العمومية، دعا رئيس اللجنة كل من يمتلك وثائق عامة إلى الحفاظ عليها، مشددا على أن كل من يخفي أو يزور أو يدلس أو يتلف وثائق عامة يتحمل مسؤوليته في ذلك وهي مسؤولية جنائية. وبين أن عمل اللجنة الذي سيتم بعيدا عن كل مجاملة أو مراعاة لأي كان ودون تحامل على أحد أيضا يرتقي إلى مستوى الحدث التاريخي ويندرج في إطار وضع أخلاقيات سياسية جديدة باعتباره يهم جميع التونسيين. وقال السيد عبد الفتاح عمر أن اللجنة لا يمكن لها المساس ببعض المسائل الجوهرية على غرار قرينة البراءة وسرية التحقيق وحق كل شخص في أن يتمتع بمحاكمة عادلة. وأوضح في هذا الصدد أن اللجنة ليست محكمة ولا هي لجنة سياسية وإن كانت ذات بعد سياسي. وأشار إلى أن المدة الزمنية لعمل اللجنة غير محددة مسبقا بما أن الملفات الهامة الموكولة لها والملفات المعروضة عليها تتطلب وقتا للفصل فيها. وردا على سؤال يتعلق بإمكانية قدوم فريق تابع لمفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان إلى تونس، أكد أن هذه المبادرة ايجابية وسيتم التواصل مع هذا الفريق الأممي. ومن ناحيته أكد السيد توفيق بودربالة رئيس اللجنة المكلفة بالنظر في التجاوزات المسجلة خلال الأحداث الأخيرة أن لجنته ستعمل على الوصول إلى نتائج ستوثقها ثم تتولى إحالتها على الجهة المعنية. وأشار إلى أنه في صورة إتلاف وثائق، يوجد موظفون دونوا وقاموا بصور فوتوغرافية لبعض الوثائق، وشدد على أنه لا وجود لخطوط حمراء أمام عمل اللجنة قائلا أنه سيتم توخي أقصى ما يمكن من الشفافية. وأوضح السيد توفيق بودربالة أن اللجنة ستقوم بعملها لفائدة المجتمع وليست لها أية جهة تأتمر بها مبينا أنه سيجري تسليط الضوء على الانتهاكات التي جرت لعديد الحقوق وأولها الحق في الحياة وصيانة الحرمة الجسدية والحق في أن يكون المواطن وعائلته ورزقه في أمان. وبين أن اللجنة ستتكون من أشخاص ذوي كفاءة من محامين وقضاة وأطباء وصحفيين وخبراء مشيرا إلى أنه سيتم التوجه إلى الجهة التي كان لها ضلع كبير في هذه الأضرار وهي وزارة الداخلية وبعض أعوانها باعتبار ما صدر عنها من أعمال تقتيل وإطلاق نار على مواطنين عزل أواخر العهد السابق قائلا إن ذلك كان بمثابة التشفي وهو ما قلت وندرت رؤيته. وأكد أن لجنته تنادي بالحرية وبالكرامة موضحا أن العمل في إطار اللجان الثلاث يتطلب اليقظة والهدوء الكامل وكذلك الرصانة دون مجاملة أو تحامل على أي أحد لأن هذه الهيئات ليست بمحكمة ولن تتهم أحدا ولكنها ستتكفل بفحص الوقائع للوصول إلى نتائج.