تونس 16 فيفري 2011 (وات) - " اغتصاب وتحرش جنسي وقذف وعنف لفظي وبذاءات يندى لها الجبين واعتداءات بكل ألوان الحقد والغطرسة" مثلت لأيام عديدة الخبز اليومي لأهالي مدن تالة والرقاب وسيدي بوزيد والقصرين وغيرها من المدن والقرى التي خطت بدماء أبنائها العزل طريق الثورة المباركة. هذه الانتهاكات الصارخة في حق السكان الأبرياء وغيرها من التجاوزات المخجلة التي مورست في حق أناس امنين من قبل عناصر الأمن كانت اليوم محور ندوة صحفية احتضنها مقر الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بالعاصمة ونظمتها لجنة تقصي الحقائق التي أحدثتها هذه الجمعية مؤخرا. وتحدثت خلال هذا اللقاء أمهات ثكالى لشهداء سقطوا في تالة عن شتى أنواع التعذيب والعنف الذي تعرض له شباب المدينة لأنه بكل بساطة طالب بالكرامة والحرية. وأكدن أن عددا من النساء تعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي ودمرت المرافق العمومية وسلبت الممتلكات العامة والخاصة كما عمد عناصر الأمن إلى استفزاز الأهالي عبر مكبرات الصوت بالكلام الجارح. كما لم تسلم جنازات الشهداء من عبثية عناصر الأمن الذي ضايقوا في أكثر من مناسبة أهالي الضحايا والمرافقين ناعيتين إياهم بأبشع الألفاظ. وطالبت أمهات الشهداء مراون الجملي (19 سنة) واحمد ياسين الرتيبى (17 سنة) وغسان الجليطي (19 سنة) من تالة بالقصاص من القتلة وتقديمهم للعدالة وفى مقدمتهم بن على وزوجته وأتباعهما رافضات التعويضات المالية والتواجد الأمني في المدينة إلا بعد معاقبة المجرمين. وقلن"الدم بالدم وستتواصل الثورة ما لم يتم رد الاعتبار لأبنائنا" واصفات بن علي بالسفاح. وتحدثن عن واقعة رمي قنابل مسيلة للدموع في حمام للنساء في تالة مما أدى إلى وفاة رضيعة وإصابة النساء والأطفال بالذعر. وقدمت وهيبة العكرمي أصيلة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد شهادتها عن تعامل عناصر الأمن العنيف مع المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة سلمية سقط فيها عدد من الشهداء من بينهم امرأة مشيرة إلى تورط المسؤولين في المنطقة في أعمال فساد ورشوة وهم ينتمون إلى حزب التجمع. وتم بمناسبة هذه الندوة الصحفية عرض شريط وثائقي أعدته لجنة تقصى الحقائق التابعة للجمعية خلال زيارتها الميدانية إلى هذه المناطق من 27 إلى 29 جانفي الماضي ونقل شهادات الأهالي حول الأحداث التي عاشوها خلال الثورة والممارسات الإجرامية واللأخلاقية التي اقترفها في حقهم عناصر من الأمن وأفادت عضوات لجنة تقصي الحقائق أن هذه الأخيرة ستقوم بزيارات ميدانية إلى جميع الجهات المتضررة ورفع تقرير في الغرض إلى لجنة تقصى الحقائق التي أحدثتها الحكومة المؤقتة وكذلك للمنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وأكدن أن الجرائم المرتكبة خلال الثورة من قبل بن على هي جرائم في حق الإنسانية حسب المادة 7 من اتفاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية وستعمل اللجنة على تقديم بن على لهذه المحكمة ومعاقبته عن جرائمه فضلا عن مواصلة الجهود من اجل حل حزب التجمع الذي كان مسؤولا عن جرائم وتجاوزات مست الكثير من التونسيين. كما ستعمل اللجنة على المرافقة القضائية وتقديم المساندة النفسية للمتضررات من أعمال العنف وكذلك الاستماع إليهن عبر مركز الإنصات والتوجيه التابع لجمعية النساء الديمقراطيات وذلك في كنف السرية احتراما لرغبات الضحايا. وعاتبت عضوات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وسائل الإعلام الوطنية لطريقتها في تغطية مجريات الأحداث الأخيرة واكتفائها بعرض تقارير سطحية لا تعكس في شيء حجم المأساة التي حلت بأهالي الضحايا والضرر النفسي والمعنوي الذي لحق بهم. وأشرن إلى أن هذه التغطية همشت إلى حد كبير الثورة الشعبية المباركة وكادت تفقدها المبادئ النبيلة التي جاءت بها. من ناحيتهم طالب عدد من أهالي المتضررين بضرورة تصحيح مسار الثورة لان المتربصين بها كثر وأهمية المحافظة عليها وتحصينها ضد كل مظاهر التدجين السياسي والإعلامي وفاءا لدماء الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا كي ننعم بنسمات من حرية سلبنا أيها النظام البائد.