نظّمت أمس الجمعية التونسيّة للنساء الديمقراطيات بأحد نزل العاصمة مائدة مستديرة قدّمت فيها تقريرها النهائي الذي تضمّن شهادات نسائيّة تعلّقت بأحداث الثورة التونسيّة والذي ورد تحت عنوان «أي عدالة انتقالية للنساء؟». وقد حضر اللقاء جانب من عائلات الجرحى والشهداء إضافة إلى ممثلين عن بعض الوزارات وبعض مكوّنات المجتمع المدني. و أفادت رئيسة الجمعيّة «أحلام بلحاج» أنّ هذا التقرير هو ثمرة عمل جماعي للجنة تقصّي الحقائق داخل الجمعية وتتويج لنضج متنام للمجموعة ساهم في إنجازه ثلّة من منخرطي الجمعية كان هدفهم تسليط الضوء على موجات العنف والاعتداءات التي هزّت البلاد أثناء الثورة بانتهاكها لمقوّمات حقوق الإنسان وكذلك إلى كشف حقيقة العنف النوعي المسلّط على النساء أثناء تلك الأحداث من خلال الإنصات إليهنّ والإستماع إلى شهاداتهنّ. من جهتها قدّمت «سناء بن عاشور» التقرير وحلّلت نتائج البحث الميداني من خلال شهادات النساء حول أحداث الثورة. وأوضحت انّ التقرير يخلو في طياته من الإحصائيات لكنّه يعبّر عن تضامن الجمعيّة مع الجرحى والشهداء داخل الجهات مضيفة أنّه ينقسم إلى قسمين: الأول يتطرّق إلى الدراسة الميدانية التي أفرزتها زيارات إلى مناطق اندلعت فيها الثورة على غرار تالةوالقصرين والرقاب ومناطق أخرى كالحمامات و«بئر بورقبة» و«نابل» وقالت إنّ فريق البعثة فوجئ بحجم التهميش ومشاكل التنمية التي عاينوها في هذه المناطق وكذلك إلى تأنيث الفقر بما معناه أن الفئات النسوية هي الأكثر فقرا وتهميشا والأكثر عرضة لأبشع أشكال الاستغلال والمساومات. و أضافت «بن عاشور» أنّ التقرير استند إلى 99 شهادة من بينها 58 شهادة نسائية بعد زيارة 20 عائلة وانّه اهتمّ بحادثة «حمّام» القصرين أين وقع تعمّد قتل النسوة من خلال خنقهّن بالغاز وهن داخل الحمام وكذلك لحادثة استهداف تلاميذ التعليم الثانوي عن طريق القنّاصة وإلى استغلال جنازة الشهداء من قبل عناصر أمنية على حدّ قولها لضرب المشيّعين بالغاز ثمّ السلاح. كما أشارت إلى انّ التقرير عبّر عن آلام المرأة جراء ما تعرّضت له. وذلك ما تطرّق إليه الجزء الثاني من التقرير حسب قولها. في مداخلتها الواردة بعنوان «أيّ عدالة انتقالية لحماية النساء؟» قالت «نائلة الزغلامي» «إنّ العمل الاستقصائي الذي قام به أعضاء الجمعية يعتبر مقدمة لتحقيق عدالة منصفة لجميع الضحايا دون تمييز وأضافت أنّ برنامج العدالة الانتقالية عادة ما يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف تشمل وقف الانتهاكات المستمرّة لحقوق الإنسان وإنتاج نظام ديمقراطي لا يميّز بين المرأة والرجل باسم مرجعية حقوق الإنسان لتطالب بضرورة إنشاء منظومة حقوقية تراعي هذه الخصوصية أي المساواة بين المرأة والرجل». وأضافت «الزغلامي» «إنّ العدالة الإنتقالية المنصفة للنساء كانت محدودة حيث تمّ فيها تجاهل خصوصية قضايا النساء من خلال عدم الأخذ بعين الاعتبار البنية الثقافية والاجتماعية والسياسية والقانونية للمرأة لتوضّح أن شروط تحقيقها يتطلّب تنظيم حوار وطني مفتوح للجميع وشامل لكلّ القضايا ذات الصلة وإحداث هيئة تنسيقية وطنية مستقلة عن الأحزاب والحكومة واعتماد مبدإ المناصفة بين النساء والرجال في جميع لجان العدالة الانتقالية الوطنية والقطاعية وفتح الملفات الأمنية والقضائية والسياسية وكشف أرشيف الأجهزة الأمنية وغيرها المتورّطة في الاعتداءات والانتهاكات». وأكّدت أنّ الهدف من ذلك هو الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان والترويج للمصالحة الفردية والوطنية وإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية والإعلامية والعسكرية. أمّا «حياة الجزّار» فقد أشارت إلى انّ الفريق الذي اعتنى بالتقصّي لإنجاز التقرير تابع أيضا سير المحاكمات الخاصة بشهداء وجرحى الثورة في الكاف وصفاقس وتونس وتبيّن له النقص الذي عانت منه المحاكمات كالنقص في المؤيّدات ورفض تلقي شكاوى الأهالي من قبل قضاة التحقيق إبان الثورة وقالت إنّ الحكومات الثلاث لم تضع أيّ خلية إنصات تعتني بأهالي الجرحى والشهداء بل استعملت قضاياهم لمشروع انتخابي ثمّ عنّفتهم في ما بعد في بهو وزارة حقوق الإنسان لتستغرب عدم الحصول إلى حدّ الآن على القائمة النهائية للجرحى والشهداء وتطالب بردّ الاعتبار للجرحى والشهداء والشهيدات وكلّ الضحايا بتمكينهم من حقوقهم. يشار إلى انّ الندوة تضمّنت ايضا شهادات بعض عائلات الجرحى والشهداء حول ملابسات مقتل ذويهم. كما تمّ فيها عرض فيلم تعلّق بالبحث الميداني للجنة تقصّي الحقائق للجمعية.