ألقى السيد خميس الجهيناوي، وزير الشؤون الخارجية يوم 18 أكتوبر 2016، بالمدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، محاضرة حول موضوع : "الدبلوماسية التونسية : الواقع والطموح"، وذلك في إطار إحياء الذّكرى الستين لإحداث وزارة الشؤون الخارجية وبمناسبة افتتاح السنة الجامعية 2016-2017. وأبرز وزير الشؤون الخارجية في مقدمة محاضرته القواعد الثابتة التي تأسست عليها السياسة الخارجية منذ الاستقلال وفي مقدمتها الالتزام بعدم التفريط في السيادة الوطنية وبقواعد الاحترام المتبادل وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتمسك بالشرعية الدولة واحترام مقرّراتها ومقتضياتها، مشيرا إلى أنّ تلك السياسة الخارجية التونسية المتوازنة التي أعطت لتونس شخصية دولية متميزة على المسرح الدولي وأكسبتها مكانة مرموقة واحتراما كبيرا، كانت دوما حريصة على النأي بتونس من مخاطر الاستقطاب الثنائي والأحلاف والصراعات الإيديولوجية. وقدّم الوزير تشخيصًا لواقع الدبلوماسية التونسية اليوم بعد مرور ما يقارب ست سنوات من المرحلة الانتقالية، مبرزا الارتباط الوثيق والتفاعل المتبادل بين السياستين الداخلية والخارجية للدولة باعتبار أنّ الأولى ترفد الثانية بعوامل القوة والتوازن والثقة وتزوّدها بوسائل تنمية العلاقات السياسية وروابط التعاون والتبادل، والثانية امتداد للأولى ووسيلتها لتحقيق أهدافها على المسرح الدولي. وشدّد الوزير على أهمية الوحدة الوطنية وتعزيز المُنجز الوطني في مجالات إرساء الديمقراطية ومواصلة الجهود لمكافحة آفة الإرهاب، باعتبارها مقوّمات أساسية تتيح للدبلوماسية العمل على استعادة صورة تونس المشرقة ومكانتها الطبيعية على الساحتين الإقليمية والدولية، وخاصة حشد أكثر ما يمكن من الدعم الاقتصادي الخارجي لبلادنا لمساعدتها في مجابهة المصاعب التنموية الكبرى التي تواجهها. وأبرز الوزير أن الدبلوماسية التونسية تضع في صدارة أولوياتها تعزيز رصيد الثقة الذي تحظى به بلادنا التي اكتسبت الاعتراف الدولي بها كديمقراطية ناشئة، لأجل تشجيع شركاء تونس وأصدقائها على مضاعفة الجهود في دعم الاقتصاد الوطني. وقدّم الوزير بسطة عن خارطة الطريق لعمل الدبلوماسية التونسية في أفق سنة 2020 في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، والإجراءات والآليات التي بدأت وزارة الشؤون الخارجية في تنفيذها لأجل الارتقاء بأداء الدبلوماسية التونسية والمساهمة في تحقيق أهداف مخطط التنمية وتجسيم انتظارات الشعب التونسي. وجدّد الوزير تمسّك تونس الثابت بالاتحاد المغاربي بصفته مطلبًا حيويا واستراتيجيا لشعوب المنطقة ومواصلتها بذل الجهود للمساهمة في رأب الشرخ الذي أصاب وحدة الصف العربي والمساعدة على فض النزاعات بالطرق السلمية ودفع مسارات التسوية للأزمات، لا سيّما بالنسبة للشقيقة ليبيا، مؤكدا أنّ وحدة ليبيا وسيادتها وأمنها واستقرارها مسألة ذات أولوية بالنسبة لتونس. كما أبرز الوزير العناية الخاصة التي توليها تونس لتعزيز علاقاتها وتنويعها مع البلدان الافريقية الشقيقة، وتركيز دبلوماسية اقتصادية ناجعة. وجدّد الوزير سعي تونس إلى الارتقاء بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي إلى مستوى يعكس البعد الاستراتيجي لهذه العلاقات ويتناسب مع الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس مشيرا إلى أنّ تثبيت دعائم الديمقراطية في تونس واستدامتها يمثل مصلحة وطنية ويخدم أيضا الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة. ومن جهة أخرى، شدّد الوزير على أهمية تحقيق مزيد من الانفتاح بين الدبلوماسية التونسية والدوائر الأكاديمية والثقافية والإعلامية وسائر مكوّنات المجتمع المدني، مؤكّدا عزم وزارة الشؤون الخارجية على وضع أسس شراكة تفاعلية مع مختلف هذه المكونات بهدف توظيف أفضل الطاقات في خدمة مصالح تونس. وحضر المحاضرة رئيس جامعة تونس المنار وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية ومدير المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وثلّة من السفراء والأساتذة الجامعيين وطلبة المرحة الثالثة.