بعد إطلاعه على النسخة المصادق عليها مؤخرا من القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة، أصدر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بلاغا يحذر من خلاله بخكورة هذه النسخة أولا : يعتبر أن التغييرات والتنقيحات الجوهرية التي أدخلت على الصيغة الأصلية للقانون الأساسي قد أفرغته من محتواه وأفقدته جدواه وحادت به عن أهدافه السامية التي برّرت المبادرة بسنّه. ثانيا : ينبه لتعارض بعض أحكامه مع مبادئ الدستور من خلال التضييق من استقلالية هذه الهيئات وذلك بالحد من صلاحياتها وإخضاعها لرقابة ثقيلة من السلطتين التشريعية والتنفيذية. ثالثا : يحذر من تأثير هذا القانون الأساسي على مشاريع القوانين الخاصة بكل هيئة دستورية ومن بينها النص المنظم لهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، بحكم أن هذه الهيئة يجب أن تتمتّع بسقف مرتفع من الاستقلالية وفقا لروح الدستور وأن تمكّن من صلاحيات واسعة وناجعة للقيام بدورها على أحسن وجه وأن لا يقع التراجع عمّا تمّ تضمينه في هذا المجال من صلاحيات وآليات بالمرسوم عدد 120 لسنة 2011 المحدث للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. رابعا : يدعو السادة نواب الشعب للتيقظ للمكّبلات والنقائص التي أحدثها القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة للهيئات الدستورية المستقلة حين نظرهم الوشيك في مشروع القانون الأساسي المتعلّق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. خامسا : يجدّد الدعوة لكافة فعاليات المجتمع المدني والإعلام وكل القوى الحية للتجنّد في هذا الظرف الحساس توصّلا لسنّ قانون أساسي يؤسّس لهيئة مستقلة للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد تتمتع بصلاحيات ومهام ناجعة وفعالة من شأنها إحداث توازن حقيقي بين السّلطات. سادسا : يؤكد على أنّ الواقع الثابت الذي تعيشه تونس من جهة استفحال مظاهر الفساد الإداري والمالي يقتضي تركيز هيئة للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ناجعة وفعالة ومتمكّنة من صلاحيات واضحة وآليات ناجزة وإمكانيات بشرية ولوجستية ومادية تخوّل لها التحرك السريع وردّ الفعل والقدرة على مكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص دون ضغوطات أو تعقيدات أو قيود قد تمارس عليها من أيّ سلطة أخرى عدا سلطة الدستور والقانون. وإذ يذكر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن من طليعة أولوياتها الحفاظ على المكاسب الدستورية التي تحققت والتي بفضلها أمكن لها معاضدة مؤسسات الدولة في حربها على الفساد، فإنه يشدد على عدم التراجع عن تلك المكاسب بمناسبة سن سائر النصوص المنظمة للهيئات الدستورية المستقلة المزمع المصادقة عليها في قادم الأيام من طرف مجلس نواب الشعب في إطار تفعيل الباب السادس من الدستور.