دعت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الحكومة إلى الإسراع في ترشيخ شخصيات مشهود لها بالكفاءة والاستقلالية لإدارة مؤسسة التلفزة التونسية على معنى الفصل 19 من المرسوم عدد 116 لسنة 2011 وفق حوكمة تستند إلى عقد أهداف ووسائل يحدد الواجبات ومعايير المساءلة تأسيسا لإصلاح المرفق الإعلامي العمومي كما تقتضيه التجارب الديمقراطية. وطلبت الهيئة، في بيان لها اليوم الجمعة 6 أكتوبر 2017، من القائمين على هذه المؤسسة إعادة النظر في طرق العمل بما يدعم دور الصحفيين في إنتاج المضامين بعيدا عن كل أشكال التأثير والضغط واعتماد آليات التعديل الذاتي بما يساعد على الالتزام بقواعد المهنة وأخلاقياتها. وأوضحت أنها رصدت تغطية القناة الوطنية الأولى لزيارة رئيس الجمهورية إلى ولاية سوسة في نشرة الأخبار الرئيسية التي تم بثها بتاريخ 04 أكتوبر 2017. ولاحظت الهيئن ان "هذه التغطية التي افتتحت بها النشرة، واستغرقت نحو 4 دقائق، تضمنت روبورتاجا اتسم بأسلوب دعائي لم يحترم قواعد المهنة الصحفية إذ ركز في مساحة هامة منه على مظاهر الاحتفاء، التي تذكرنا بالتحشيد وتسخير إمكانيات المؤسسات العمومية في خدمة صورة الشخص في تغييب كلي لآراء ومشاغل متساكني ولاية سوسة، والحال أن زاوية التغطية تفترض الوقوف أيضا على تقدم مسار التنمية في الجهة وإشكالياته". وذكرت أن بيانا قد صدر بتاريخ 06 أكتوبر 2017 عن مجموعة من ممثلي وسائل الإعلام بولاية سوسة يفيد بعدم السماح لبعض صحفيي الإعلام العمومي (إذاعة المنستير) من تغطية الحدث مما يعد تضييقا على حقهم في النفاذ إلى المعلومة ودفعا باتجاه تنميط الرسالة الإعلامية. واعتبرت الهايكا أن "الجانب الدعائي طغى على التغطية المذكورة إلى درجة كادت أن تتحول معه إلى روبورتاج إشهاري حيث تم التركيز على الدعاية لشركات خاصة ولشخصيات حزبية بينما تم الاكتفاء بتخصيص بعض الثواني لزيارة رئيس الدولة لمنشأتين عموميتين". وأشارت إلى أنها قد رصدت في نشرة أخبار الثامنة التي بثت بتاريخ 3 أكتوبر 2017، عرضا لمقال نشر بجريدة أجنبية قدمه الصحفي على أنه تحت عنوان “الباجي قائد السبسي خلق ربيعا عربيا آخر” والحال أن الترجمة الاقرب للعنوان في نسخته الأصلية هو “الربيع العربي القادم في تونس”، مضيفة "فعلاوة على عدم الدقة على مستوى ترجمة العنوان، فإن المقال المشار إليه لا يتضمن قيمة إخبارية تؤهله أن يكون صلب نشرة الأخبار الرئيسية، وهو ما يرجّح أن هناك محاولات جدية لتوظيف قسم الأخبار لصالح مؤسسة رئاسة الجمهورية دون معايير واضحة". ولفتت إلى أنها كانت قد نبّهت، منذ بداية هذه السنة، ومن خلال مراسلات رسمية موجهة للحكومة، إلى وجود مؤشرات خطيرة في طريقة تعاطي السلطة التنفيذية مع الإعلام العمومي. وذكرت الهيئة في هذا السياق أنه سبق لها أن رفضت في مناسبتين عزل الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزة التونسية في مخالفة صريحة لمبدأ توازي الصيغ والإجراءات واعتبرت ذلك من ضمن محاولات تدخل السلطة في توجيه المضامين والعودة بالإعلام العمومي إلى دائرة الإعلام الحكومي، منبهة إلى خطورة ضرب استقلالية هذه المؤسسة وتوظيف إمكانياتها خدمة لأجندات حزبية ومصالح ضيّقة. كما دعت الهيئة الصحفيين إلى الدفاع عن مهنتهم ونبل الرسالة المنوطة بعهدتهم وإلى عدم الانسياق في هذا التوجه الذي يتنافى مع القيم الأساسية للإعلام العمومي الملتزم بخدمة الصالح العام دون انحياز أو توظيف.