"أطردني سيدي (المعلم) لأنه لا كتب لدي وأقراني يدرسون وأنا لا أملك محفظة ...أنا نحب نقرى". هكذا تحدثت سمر وهي توجه نداء من منطقة المتبسطة من ولاية القيروان قصد مساعدتها على اقتناء أدواتها المدرسية لكي تكمل تعليمها بالسنة الرابعة من التعليم الأساسي بالمدرسة الابتدائية المتبسطة بمعتمدية القيروان الشمالية. "تعمل ماما في جمع القصب كي تنفق علينا وأرجو منكم أن تعينونا فظروفنا قاسية جدا"، بعين دامعة وبقسمات حزينة منكسرة تابعت سمر استعطافها أهل البر مطالبة بحقها في التعليم مثل أترابها ولكن ضيق الحال حرمها وإخوتها من مواصلة تعلمهم بعد نحو شهر من انطلاق السنة الدراسية الجديدة. تعيش سمر الفطناسي (12 سنة) ذات العينين الخضراوين..والشعر الأشقر الطويل داخل منزل متداع يحتاج إلى ترميم هو على ملك جدها لأبيها ويفتقر إلى ابسط شروط الحياة الصحية ومع أسرتها المتكونة من ثلاث إخوة ذكور (16 سنة و 6 سنوات وعامان) ووالدها ووالدتها اللذين يعيشان من تنظيف القصب وبيعه على قارعة الطريق للفلاحين خاصة، وما يحصلان عليه من مال (بين 6 و 10 دنانير) في اليوم يقتنيان به ما يسد رمق أطفالهم الأربعة. وقد كان لهذه الأسرة طفل خامس لكن توفي منذ عامين بحادث مرور لما أراد الالتحاق بوالديه في مكان عملهما عندما كانا يجمعان القصب . وتعيش هذه الأسرة أوضاعا مزرية، بسبب الفاقة والحاجة التي دفعت الوالدين إلى العمل في مهنة تنظيف القصب وقصه وتجميعه في أكوام يتحصلان عن طريقها بعد عمل يوم شاق يبدأ من الساعات الأولى للصباح حتى غروب الشمس على بضعة دنانير بالكاد تغطي حاجيات أسرتهما من الغذاء والملبس، حتى أعياهما الصبر لإيجاد الحلول اللازمة لوضعيتهما. وقالت سعاد والدة سمر أن ابنها الأكبر انقطع عن الدراسة بسبب ضيق الحال في سن التاسعة من عمره وبدورها انقطعت سمر خلال السنة الفارطة عن التعليم لما عجزت عائلتها عن توفير مستلزمات الدراسة ثم عادت هذا العام كما أن ابنها الثالث الذي من المفترض أن يدرس هذا العام في السنة الأولى من التعليم الابتدائي ما زال لم يلتحق بعد بمدرسته بسبب عدم تسجيله في دفاتر الحالة المدنية منذ ولادته. وطالبت سعاد بمساعدتها على مجابهة خلاص فواتير الكهرباء والماء التي تراكمت منذ مدة وعجزت العائلة عن خلاصها كما ناشدت أهل الإحسان لإعانتها على توفير مسكن صغير لائق يقيها لفح الحر وبرد الشتاء ويأويها وأطفالها.