نشرت اليوم الأربعاء 14 مارس 2018 هيئة الحقيقة والكرامة وثائق أرشيفية بينت من خلالها استغلال المستعمر الفرنسي للثروات التونسية وخاصة منها الثروات الباطنية. وكشفت هيئة الحقيقة والكرامة في بلاغ توضيحي، أن فرنسا ضمّنت في وثيقة الاستقلال الداخلي في جزئها الاقتصادي، فصلين هما الفصلان 33 و 34 ، ولم يقع إلغاؤهما باتّفاقيّة الاستقلال التامّ التّي تعرّضت للجوانب الامنيّة فقط وتغاضت عن المسألة الاقتصاديّة والماليّة. ونص الفصلان المذكوران على التزام الدولة التونسيّة بمنح حقّ الأفضلية للمشاريع الفرنسية عند تساوي الشروط للحصول على رخص التفتيش والاستثمار وعلى اللزم، وكذلك التنصيص على عدم قدرة الدولة التونسيّة على تغيير آجال اللزمات والاتّفاقيات ورُخص التفتيش والاستثمار أو الممنوحة إلاّ بموافقة الطرف الفرنسي. وقالت الهيئة إن فرنسا واصلت استنزاف ثروات البلاد التونسية حتى بعد الاستقلال بتكوين شركةTRAPSA بمقتضى اتّفاقيّة مع البلاد التونسيّة سنة 1958 لمدّ أكثر من 510 كلم من إجمالي 775 كلم مربّع من قنوات نقل البترول من "عين أميناس" بالجزائر إلى ميناء الصخيرة. وكشفت الهيئة أن الحكومة التونسيّة لم تكن طرفًا في النقاش مع الجانب الجزائري حول هذه الاتّفاقيّة وهو ما أضرّ بالدولة التونسيّة، حيث أوكلت الحكومة التونسيّة التفاوض مع الجزائر حول استغلال الأراضي التونسيّة إلى الشركة الفرنسيةTRAPSA. كما أن الحكومة التونسية لم تُطالب بتحيين قيمة عوائدها من عمليّة نقل البترول ولم تحاول أن تضع آليات تضمن لها التأكّد من الكميّة المنقولة لتكون أساسًا للأتاوة المجبيّة. وأضافت هيئة الحقيقة والكرامة أن الشركة الفرنسيّة تولت كذلك عمليّة نقل البترول التونسي المُستخرَج من حقول البُرمة دون أن تناقش الحكومة التونسية عمولات النقل أو المطالبة بالمساهمة في رأس مال الشركة. وتابعت أن السفير الفرنسي بتونس على علم بكلّ ما تُنتجه الحقول التونسيّة ويتدخّل في كلّ القرارات المتعلقة بالاستثمار أو التوسعة حتّى في باب بناء محطّة تكرير النفط بقابس بقدرة انتاجيّة تكفي استهلاك البلاد بأكثر من 5 مليون طن. وقد بلغ إنتاج الحقول النفطيّة التونسيّة خلال سنة 1971، 4 مليون طن ما يعادل 30.4 مليون برميل. في نفس الإطار، لم تتجاوز مداخيل الدولة التونسيّة من البترول خلال نفس الفترة 300 مليون فرنك فرنسي أي ما يعادل 550 ألف دولار أمريكي أي بمعدّل 0.2 دولار على كلّ برميل، (سعر برميل البترول سنة 1971 في حدود 3.6 دولار) أي مردوديّة لا تتجاوز 6% من السعر المتداول. ولاحظت هيئة الحقيقة والكرامة في آخر بلاغها أن الشركات الأجنبيّة وتحديدا الفرنسيّة منها قامت باستغلال فاحش لموارد البلاد التونسيّة الباطنيّة.