على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على تصديق البرلمان بالأغلبية على تعيين 11 وزيرا ضمن التعديل الوزاري الأخير لحكومة هشام المشيشي، ما زال أداء اليمين الدستورية معلقا في ظل تمسك الرئيس قيس سعيد برفض أداء عدد من الوزراء للقسم. وخلال لقائه امس بالامين العام للاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، أكّد سعيّد أنّه يرفض الحوار لحل هذه الأزمة متمسّكا بتأويله القانوني والدستوري. ومجدّدا سقط قيس سعيد في الفخّ التناقضات، او بالأحرى بين قراءاته عندما كان أستاذ في القانون الدستوري وبين قراءته اليوم لنفس الدستور وهو رئيس الجمهورية. ويختلف موقف سعيد الرّئيس عن موقف الاستاذ الذي ادلى بدوله سنة 2018 في ما يخص التحوير الوزاري الذي اعلن عنه رئيس الحكومة الاسبق يوسف الشاهد ولم يستشر فيه رئيس الجمهورية الراحل الباجي قايد السبسي. وأكد قيس سعيد في تصريح مسجل لذاعة "موزاييك" أن تداعيات عدم موافقة رئيس الجمهورية على التمشي الذي انتهجه رئيس الحكومة في التحوير الوزاري "سياسية ولا اثر قانوني لها"، وفق تعبيره. وأضاف سعيّد أنه بإمكان رئيس الجمهورية أن يضغط إما عبر تعطيل إصدار الأوامر المتعلقة بتعيين أعضاء الحكومة الجدد أو بعدم تحديد موعد أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد أمامه، إلاّ أنّ ذلك فيه خرقٌ للدستور وتعطيل للسير العادي لدواليب الدولة، على حد قوله. وكان سعيد قد أبدى رفضه لمشاركة أطراف بعينها في الحوار الذي طرحته المنظمة الشغيلة ضمن مبادرة لحل الأزمة السياسية. وشدد الرئيس امس الاربعاء على أن الأزمة السياسية التي تعيشها تونس وتعمّقت مؤخرا برفضه للتحوير الوزاري واعتراضه على بعض الأسماء التي نالت ثقة البرلمان، ليس هو المتسبب فيها، محملا في المقابل المسؤولية لمن وصفهم بالمناورين. وكثيرًا ما يُلاحظ المتابعون للشأن السياسي في تونس تناقضات مكشوفة في مواقف قيس سعيد، بيد أن هذه المواقف كان فيصلها كرسيّ الرئاسة الذي غيرّ من آراء الرجل وفصل بين موقفه كأستاذ قانون دستوري ومواقفه كرئيس للجمهورية، وهو ما يثير جدلا كبيرا بين الفينة والاخرى. وليست هذه المرة الاولى التي يتخذ فيها قيس سعيد موقفين متاقضين من مسألة واحدة، حيث سجل عليه مراقبون تناقضا في مواقفه حول القائمات الحزبية، حيث كان قيس سعيد يعتبر سنة 2004 ان التصويت على القائمات الحزبية افضل من التصويت على الافراد، عندما سُئل عن ذلك في حوار اجراه مع جريدة اصباح في نسختها الورقية. واعتبر قيس سعيد في حوار صحفي موثّق ان "من مزايا التصويت على القائمات أنّ الناخب يجد نفسه مخيّرا بين برامج انتخابية لعدد من الأحزاب السياسية أو القائمات المستقلة، بخلاف نظام الاقتراع على الأفراد حيث تدخل اعتبارات أخرى عند التصويت منها الولاءات العائلية والقبلية والجهوية وإشعاع المترشحين كأفراد والمصالح الاقتصادية التي قد تربط المترشح بالناخب". اما اليوم، فان قيس سعيد اتخذ موقفا مغايرا تماما لما ادلى به في حوار لجريدة الصباح قبل الثورة، ذلك انه شدد في اكثر من مناسبة على عدم ايمانه بالقائمات الحزبية، منتقدا منظومة الاحزاب المشكلة للمشهد السياسي التونسي.