انتقد الرئيس قيس سعيد، أمس الجمعة 15 أفريل 2022، خلال لقائه بوزيرة العدل ليلى جفال عدم تحرك النيابة العمومية إزاء ما أسماها "محاولة انقلاب"، وفق ما ورد في شريط فيديو للمقابلة بثته مساء أمس الجمعة مصالح الاتصال برئاسة الجمهورية. وقال إن أشخاصا قاموا بمحاولة انقلاب ولم يقع اعتقالهم ولم نطلب ذلك والنيابة لم تقم بدورها، مضيفا إننا اليوم نعيش ظرفا كان من المفترض أن تقوم فيه النيابة العمومية بدورها، بعد إعلان أشخاص إحداث برلمان في المهجر وآخرين تكوين حكومة إنقاذ وطني. وتحدث قيس سعيد خلال لقائه بوزيرة العدل عن تأجيل عدد من القضاة النظر في بعض الملفات دون تحديد زمني، معتبرا أن ذلك اغتيال للعدالة، حسب تعبيره. وشدد على أنّه "لا بدّ من وضع حد لهذا الأمر"، حسب قوله. وقال سعيد إنّ على القضاء "أن يكون مستقلا وناجزا وعلى ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة"، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية. في المقابل، نشرت على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، آراء سياسيين وصحافيين وقضاة، تنبّه إلى تناقضات قيس سعيد بحديثه عن استقلالية القضاء في الوقت الذي يمارس فيه ضغطًا على القضاء بتهديده وترهيبته، حسب رأي البعض. واعتبر أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي أن قيس سعيّد بصدد القيام بمحاولات محمومة لإرباك القضاة وهرسلتهم وترهيبهم من أجل تحقيق رغباته في اعتقال معارضيه والتنكيل بهم ومحاكمتهم ظلما وبهتانا. وأشار الشواشي إلى أنه "ما زال في تونس قضاة شرفاء ونزهاء وأكفاء صامدون مدافعون على رسالتهم". ودوّن القاضي بمحكمة التعقيب حمادي الرحماني: "القضاء تحت القصف والضغط والإملاء... والسيف (...) يحدث كل ذلك بمحضر وزيرة العدل لحملها هي أيضا على تنفيذ إرادته في ذلك الخصوص عبر تفعيل "سلطتها" على تفقدية القضاة واستخدام التتبع التأديبي لترهيب وكيل الجمهورية وغيره وتطويع قراراتهم طبق الطلب". وكتب حمة الهمامي، أمين عام حزب العمال: "ما ورد من كلام، على لسان قيس سعيد، حول القضاء عند استقباله وزيرة العدل خطير جدا.. فالواضح أنّ حل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وتعيين مجلس جديد مُوال وتسمية وزيرة عدل موالية، ليس كافيا لتحقيق أهداف الرجل. فهو اليوم "يتذمر" من أنّ النيابة العمومية لا تعمل وفقا لما يريده هو، أي لا تتبع من يريد هو أن يقع تتبعه ولا تسجن من يريد هو أن يسجن". وأضاف: "خطوة وحيدة بقيت لقيس سعيد وهي أن يصبح هو النيابة العمومية وأن ينتصب قاضيا محل القضاة لإصدار الأحكام، لأنه من الصعب جدا في مثل ظروف اليوم أن يجد سعيد القضاة الطيعين بالدرجة التي يريدها هو". وتابع: "الرئيس الشعبوي المسكون بنزعة استبدادية، لا يؤمن باستقلالية القضاء". ودوّن الصحفي علاء زعتور: "خطاب الرئيس سعيد أمام وزيرة العدل هو مجرد دليل إضافي على تصوّر الرجل لاستقلالية القضاء (...) بالنسبة للسيد الرئيس، فإن تصريحات معارضيه بشأن "برلمان في المهجر" و"حكومة إنقاذ وطني" تتطلب تحرك النيابة العمومية كذلك". وكتب عبد الوهاب الهاني: "في الأنظمة الدِّيمقراطيَّة تخضع السُّلطة التَّنفيذيَّة لمساءلة السُّلطة القضائيَّة لا سلطان عليها غير سُلطان القضاء والقانون.. وفي الأنظمة غير الدِّيمقراطيَّة يخضع القضاء لسلطان الحاكم في السُّلطة التَّنفيذيَّة ولمساءلتها ورغباتها ونزواتها وطلباتها وأهوائها المتقلِّبة". واضاف: "تصريح خطير لرئيس الجمهوريَّة في معرض دردشته شبه اليوميَّة مع وزيرة العدل في حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة يضع النِّظام السِّياسي القائم للتَّدابير الاستثنائيَّة في خانة تحكُّم السُّلطة التَّنفيذيَّة في السًّلطة القضائيَّة بدل الخضوع لمساءلتها".