خلصت دراسة حديثة للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستبقى مصرة في المدى القصير على إدماج جماعة الإخوان في الحياة السياسية في مصر وفي غيرها من الدول العربية، من دون أن يعني ذلك ممارسة ضغوط كبيرة على الحكم المصري الحالي أو المقبل. وفي الوقت نفسه لن تقبل بالتعامل مع التنظيم على أنه "تنظيم إرهابي" على الأقل في المدى المنظور، وكأن هناك قناعة لدى الإدارة الأمريكية بأن الإخوان تستطيع أن تعود إلى سدة الحكم في مصر بعد أن أطاحها الشعب المصري في 30 جويلية. وأكدت دراسة التي حملت عنوان "الولاياتالمتحدةالأمريكية والإخوان المسلمون في مصر" للباحث أسامة أبو إرشيد، على أن الولاياتالمتحدة ستحافظ على اتصالاتها مع الإخوان المسلمين، فهم ما زالوا تيارا شعبيا وسياسيا مهما في كثير من الدول العربية، ولا يمكن استبعاد عودتهم إلى الحكم في مصر في المدى المتوسط أو البعيد. كما أنهم جزء من المعادلة السياسية في دول حليفة لها؛ مثل تونس والأردن واليمن والكويت، وبخاصة أنها لا تريد تكرار خطئها في إيران عام 1979. واستبعدت الدراسة أن تقوم الولاياتالمتحدة بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، فهي لم تفعل ذلك أثناء الحروب على الإرهاب التي أطلقتها إدارة بوش الابن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بل إنها حافظت حينئذ على استمرار التواصل مع بعض التيارات الإخوانية, وكانت مشاركة الحزب الإسلامي العراقي (فرع الإخوان في العراق) في "مجلس الحكم في العراق"، تحت إشراف الاحتلال الأمريكي، إشارة إلى مرونة التيارات الإخوانية على الرغم من أن كل الفروع الإخوانية الأخرى رفضت موقف الحزب ذاك. ويضاف إلى ذلك أن مرونة حركة النهضة في تونس، وقبولها بصيغ تشاركية في الحكم مع تيارات علمانية ويسارية منذ انتخابات 2011، ثم تنازلها في مطلع 2014 عن رئاسة الوزراء، تعد الأسباب التي تعزز "صورة المرونة" عن تيارات الإسلام السياسي لدى واشنطن، وتقوي موقف أنصار استمرار هذه العلاقة مع الإسلاميين، مقابل بعض التيارات اليمينية والصهيونية الأمريكية التي تدفع في اتجاه إخراج تلك التيارات الإسلامية عن القانون. وأشارت الدراسة، إلى أن إدارة أوباما قد نظرت إلى محافظة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي على معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل خلال رئاسته، والدور الذي اضطلع به خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر 2012، نظرة إيجابية، فعدم إلغاء المعاهدة أو الدفع في اتجاه التصعيد مع إسرائيل كانا عاملين مطمئنين للأمريكيين القلقين في ذلك الوقت. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قامت بتصفية حركة حماس الفلسطينية وبعض الشخصيات الإخوانية البارزة مثل يوسف ندا مفوض العلاقات الخارجية السابق في الإخوان، بوصفهم إرهابيين وتعاملت مع ملف من تصنيفهم الإخوان المسلمين في أمريكا على أنهم ملف أمني، فإن الدراسة أكدت على أن واشنطن لم تصف جماعة الإخوان بوصفها تنظيما إرهابيا، ويصعب أن نتصور منها هذا الفعل إلا في حال تبني جماعة الإخوان المسلمين رسميا العنف خيارا في علاقتهم بالدولة المصرية وقيامهم بذلك فعليا وهذا الأمر مستبعد – حسب الدراسة -. وقالت الدراسة، مع وجود أصوات يمينية، حتى من داخل الكونجرس الأمريكي مثل عضو مجلس النواب وعضو الحزب الجمهوري ميشيل باكمان، تطالب الولاياتالمتحدة بإجراء تحقيقات في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وبالتصعيد معهم فإن هذه الأصوات ما زالت محدودة التأثير في المقاربة الأمريكية تجاه الإخوان المسلمين في ظل وجود تيار آخر أكبر حجما وأكثر رصانة من المسئولين الأمريكيين الحاليين والسابقين والباحثين الأكاديميين، الرافضين لتلك الأصوات. وأفادت الدراسة بأن من يطالب بتصعيد التوتر أمريكيا مع الإخوان ينطلق في الغالب، من تحيز أيديولوجي وسياسي ضد الإسلام بوجه عام، والإسلام السياسي بوجه خاص، دون نظر موضوعي ومحسوب إلى المكاسب والخسائر التي قد تترتب على مصر مقاربتهم، فباكمان وهي التي زارت مصر في سبتمبر 2013 برفقة عضوي مجلس نواب آخرين عن الحزب الجمهوري، لمباركة ثورة 30 جوان، لمحت في تصريحات إعلامية لها إلى دور مزعوم للإخوان المسلمين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ووصفت الإخوان ب "العدو المشترك" لمصر وأمريكا وعلى الرغم من أنها حاولت التبرؤ لاحقا من تلميحها ذلك، فإن هذه التصريحات كشفت عن مدى انعدام مصداقيتها، هي وغيرها من أنصار هذا التيار في الولاياتالمتحدهالأمريكية. في المقابل، قدم عدد من المسئولين السابقين وباحثين جملة من التوصيات إلى إدارة "أوباما" تطالبها بإبقاء خطوط الحوار مع المفكرين الإسلاميين، وقادة الإخوان من الذين يرفضون العنف ويقبلون بالمشاركة السياسية من ناحية، وأن تؤكد للنظام المصري الحاكم أنها لا ترى جميع الإسلاميين إرهابيين، وأن انزلاق الإخوان إلى العنف ليس بالأمر الحتمي، وتطالب بأن يكون الإخوان جزءا من المشهد السياسي في مصر. وخلصت الدراسة إلى استعراض وثيقة مهمة تم صوغها في شكل رسالة للرئيس الأمريكي تضمنت توصيات بشأن سياسة إدارته تجاه مصر، وقعها مسئولون أمريكيون سابقون يرون أن تهميش الإخوان في مصر والضغط عليهم وقمعهم مع المعارضين ل 30 جوان من دون فتح أفق سياسي أمامهم، سيقود إلى فوضى في مصر، وهي الحليفة الأمريكية المهمة في المنطقة، وسيتسبب في انهيار اقتصادي إلى حد يجعل الاستقرار فيها حلما بعيد المنال، وهو ما قد تنتج منه تهديدات للأمن القومي الأمريكي وعمليات إرهابية ضدها، وضد مصالحها الحيوية في المنطقة، وبخاصة أمن إسرائيل، ويوصي أولئك بضرورة ضغط واشنطن على النظام المصري الحاكم لاستيعاب الإخوان ومعارضي الانقلاب، وإيصال رسالة أمريكية للإخوان أيضا مفادها أن الإرهاب لن يكون مقبولا من منظور الولاياتالمتحدة.