حث معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي الاسرائيلي في واشنطن، الولاياتالمتحدة الى ممارسة الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر لثنيه عن تمرير قوانين انتخابية قد تسمح بوصول اسلاميين الى الحكم في مصر. وطالب مدير المعهد روبرت ساتلوف في جلسة استماع عقدتها لجنة الاستخبارات الفرعية حول الارهاب ومكافحة التجسس في مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء الحكومة الأمريكية القيام ب «اتصالات سرية» بالمجلس العسكري المصري للقيام باجراءات من شأنها تحجيم الحركات الاسلامية قبيل الانتخابات القادمة، وكذلك تزويده بمعلومات استخباراتية عن تمويل خارجي لجميع الحركات الاسلامية بما فيها جماعة الاخوان المسلمين والحركة السلفية والجماعة الاسلامية. مواقف أمريكية وقد أعرب بعض أعضاء اللجنة عن قلقهم حيال ما يجري في المنطقة خلال جلسة الاستماع التي كانت بعنوان «الاخوان المسلمين» حول وضع الحركات الاسلامية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين ودورها وتأثيرها على ما يجري في المنطقة حاليا. وقد حشدت اللجنة لهذا الغرض عددا من الباحثين والناشطين المؤيدين لاسرائيل والمعادين لنشاط الجماعات الاسلامية في المنطقة. وقد أظهرت الجلسة تفاوتا في آراء أعضاء اللجنة فيما يتعلق بجماعة الاخوان المسلمين، ففي حين حذرت رئيس الجمهوريين للجنة سوميريك من تأثير الجماعة السلبي على مجريات الأحداث في المنطقة، حاول العضو الديمقراطي مايك سومبثون التخفيف من هذه المخاوف. وقالت ميريك في بيانها الافتتاحي ان «عمق التزام الاخوان المسلمين في نبذ العنف غير واضح وقد تكون الجماعة نبذت العنف في سبيل كسب نفوذ في مصر، ولكن يجب عدم نسيان أنها المنظمة الأم لحركة «حماس» الفلسطينية التي تعهدت في ميثاقها بممارسة العنف ضد اسرائيل». فيما قال ثومسبون «لنكن واضحين..جماعة الاخوان المسلمين في مصر غير مصنفة كمنظمة ارهابية على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية وهي نبذت العنف منذ أعوام». ودعا ساتلوف الى ضرورة انخراط الحكومة الأمريكية «بشكل سري في حث المجلس العسكري المصري بعدم اتخاذ قرارات فنية في صياغة عملية انتخابية قادمة قد تمهد دون قصد لاهداف جماعة الاخوان المسلمين السياسية». محذرا من باقي الجماعات الاسلامية بما فيها الجماعة الاسلامية والجهاد والحركة السلفية وحزب الوسط، حيث اعتبر مواقفهم بمثابة توزيع أدوار في ما بينها. ودعا ساتلوف الحكومة الأمريكية الى رسم سياسة تعتمد على تزويد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية «بمعلومات عن التمويل السري للجماعات الاسلامية في مصر بغرض حماية مصر من تاثيرات القوى الخارجية». وأوصى ساتلوف الحكومة الأمريكية بأن تقوم مواقفها العلنية على تحذير المصريين من انها ستقبل فقط التعامل مع حكومة لها مواصفات معينة وذلك للتأثير المبكر على الانتخابات المصرية القادمة، وأن يكون من مواصفاتها تحقيق الالتزامات الدولية بما في ذلك حرية الملاحة في قناة السويس، والسلام مع اسرائيل، وتوسيع السلام في المنطقة ليشمل دولا أخرى. وقال ساتلوف ان الاسلاميين بكل اطيافهم يمثلون تهديدا لمصالح الولاياتالمتحدة. لكنه طالب بعدم اظهار بيانات علنية في الوقت الحالي ضد حركة الاخوان المسلمين على وجه الخصوص «حتى لا يلتف حولها الشعب المصري». وحذر ساتلوف من تأثير الاسلاميين على معاهدة الصلح المصرية الاسرائيلية المعروفة باسم معاهدة كامب ديفيد الموقعة في مارس 1979 قائلا ان «مصر اكثر اسلامية» سوف تؤثر على قضايا مثل بيع الغاز لاسرائيل والمناطق التجارية الحرة معها وسياسة مصر تجاه غزة. مشيرا الى أن الاخوان المسلمين «في الأسابيع الأخيرة خففوا من بياناتهم التي تدعو الى الغاء المعاهدة أو اجراء استفتاء لتقرير ما اذا كان ينبغي على مصر مواصلة العمل بها وأنهم يقولون الآن إنها مسألة على البرلمان الديمقراطي الجديد التعامل معها». وعزا ساتلوف موقف الجماعة الراهن تجاه كامب ديفيد الى ما يعتقده «الموقف الثابت للمجلس العسكري حول هذه المسألة، جاعلا المعاهدة خارج النقاش في مصر اليوم في هذه اللحظة قبل الانتخابات». وزعم ساتلوف انه بنى شهادته على زيارة قام بها الى مصر في شهر أفريل الجاري شملت لقاءات مع اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين أنفسهم. وشكك ساتلوف في شهادته في حقيقة وجود اختلافات بين الحركات الاسلامية وقال بأنها غير حقيقة. واضاف ان هناك خطة منذ زمن لاظهار الاخوان المسلمين وكأنهم معتدلين عن طريق اظهار الجماعات الاخرى، بالتوافق والترتيب فيما بينها، لتبدو وكانها جماعات اكثر تشددا. وحذر بشدة مما وصفه «تاريخ الاخوان المسلمين الارهابي» وادعى ان للسلفيين في مصر دورا في هدم الاضرحة الصوفية وفي الهجوم على المسيحيين المصريين. وقال ساتلوف «ان الاخوان تخلوا عن اكثر اهدافهم طموحا في السابق لا عن طريق اختيارهم الحر اوقناعتهم ولكن تحت وطأة ضغط النظام». معتبرا أن الاخوان المسلمين «يستخدمون قوتهم السياسية القادمة في تحويل مصر الى مكان مختلف تماما» اذا ما سمح لها بتنامي دورها السياسي. وزعم ساتلوف أن الاخوان المسلمين يعمدون الى اتخاذ مواقف معتدلة عشية مشاركتهم في الانتخابات لكنهم سرعان ما يرتكبون أخطاء مريعة بعد ذلك. ضد سياسة أوباما وشهدت جلسة الاستماع انتقادات لسياسة حكومة الرئيس باراك أوباما تجاه التغييرات الجارية في المنطقة بشكل عام، ودعوا أوباما الى تفسير سياسته في المنطقة بشكل أوضح للحصول على دعم الكونغرس والأمريكيين. وقد اتهمت ميريك حكومة أوباما بعدم تطوير استراتيجية مناسبة للتعامل مع الاخوان المسلمين وقالت انه من غير الواضح اليوم ما اذا كانت السياسة الخارجية لحكومة أوباما تواكب التطورات في المنطقة، مشيرة الى أنه في الشهر الماضي كانت تماطل وتراوغ، وفي مناسبات عديدة ناقض مسؤولون كبار بعضهم بعضا وأظهروا أن سياسة حكومة أوباما غير موحدة وغير واضحة. وقالت ان «الحكومة الفدرالية لا تملك استراتيجية شاملة أو متناسقة للتعامل مع الاخوان المسلمين والمجموعات المرتبطة بها في أمريكا. ولا تملك استراتيجية للتعامل مع الاخوان المسلمين في مصر أو في منطقة الشرق الأوسط الكبير» وأوضحت ميريك أن التحولات السياسية التي بدأت هذا العام لن تنتهي في أي وقت قريب، ونتائج ما حدث تحتاج الى التوضيح، وسيبقى التحدي واضحا وهو أن تثبت الحكومة للكونغرس والأمريكيين البعيدين عما يجري في المنطقة والذين سئموا من تكلفة الحروب ومساعدة غيرهم أهمية عدم التخلي عن المنطقة. ووصف الخبير في شؤون الاسلام السياسي في مؤسسة راند، لورينزو فيدينو الاخوان المسلمين بأنها جماعة براغماتية تؤمن بأن الهدف يبرر الوسيلة، ولديهم قدرة على تطويع الاسلام واظهار أنفسهم بمظهر حداثي. وزعم فيدينو أن الاخوان «ليست لهم شعبية كبيرة بين المصريين.. وقال «سيكون من السذاجة التعامل مع الاخوان المسلمين على أنهم شركاء يمكن الاعتماد عليهم» داعيا الحكومة الأمريكية الى ضرورة التعامل مع أوسع قطاع من المنظمات الاسلامية. أما أحمد صبحي منصور، رئيس جماعة القرآنيين، المقيم في منطقة واشنطن منذ سنوات وسبق أن عمل مديرا لمركز ابن خلدون الذي كان يترأسه سعد الدين ابراهيم، فقد تناول تاريخ انشاء جماعة الاخوان المسلمين على يد حسن البنا عام 1928، وتحدث عن المنظمات التي خرجت من رحمها، تحت مظلة التيارات السلفية الوهابية. وقال ان لدى الجماعة في مصر «أجندة للاستيلاء على الحكم، وأن الخطر الأكبر يأتي من السلفيين الذين يريدون تقسيم العالم الى معسكرين: اسلامي شرقي، ومسيحي غربي، لأنهم يؤمنون بأن المعركة بين المعسكرين قادمة وستكون نهاية العالم». وقال في شهادته انه انتظر عشر سنوات لكي يتحدث أمام الكونغرس حول جماعة الاخوان المسلمين وقد سعى الى أن يربطها في بدايات تأسيسها مع الحركة السلفية الوهابية وادعى أن السعوديين كانوا وراء تأسيس الجماعة وأنهم يحتاجون الى مصر لكي يحافظوا على بقائهم. وزعم منصور أن السعوديين اساؤوا ترجمة القرأن الكريم مشيرا الى أن أربعة ملايين نسخة منها قد جرى توزيعها في الولاياتالمتحدة. وقال «ان الترجمة تنص على أن المسلم ينبغي أن يصلي ليس الصلوات الخمس المعتادة يوميا ولكن 17 مرة في اليوم» وقال في معرض التحريض «المسلم في أمريكا المغسول دماغه ينظر الى مواطنه الأمريكي باعتباره عدو الله وأنه استنادا الى الشريعة يجب أن يقتله». أما ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، فقد أكد أنه لا مبرر ل»الذعر من جماعة الاخوان المسلمين»، وقال ان الولاياتالمتحدة لا تحتاج الى وضع سياسة للتعامل معهم وان الجماعة تقول الحقيقة عندما تصف نفسها بأنها مسالمة وتنبذ العنف. ودافع براون عن قناعات الجماعة باستثناء ايمانها بشرعية العنف في حالة مقاومة الاحتلال الأجنبي مشيرا الى أنها أيدت المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي وضد الاحتلال الأمريكي للعراق. غير أنه قال ان فرع الاخوان المسلمين في العراق الذي يعمل تحت اسم الحزب الاسلامي يشارك في الجهود التي تقودها الولاياتالمتحدة لاعادة الاعمار السياسي منذ عام 2003. بدوره، وصف طارق مسعود، أستاذ السياسة العامة بجامعة هارفارد، جماعة الاخوان المسلمين بأنهم جماعة دينية في دولة فقيرة، وليسوا في وضع يشكل تهديدا لمصر أو الولاياتالمتحدة، لكنه أشار الى أن الجماعة مناهضة للسياسة الغربية تجاه المنطقة بشكل عام وللولايات المتحدة بشكل خاص بسبب سياسة الهيمنة في العالم والبلدان الاسلامية بشكل خاص، لكنهم حسب رأيه يجاهدون في النأي بأنفسهم عن تنظيم «القاعدة» التي ينظرون اليها باعتبارها شكلا من «العدمية المدمرة».