الدكتورالهذيلي المنصر أستاذ الأدب والحضارة االفرنسية بجامعة القيروان يفهم الجواسيس المبثوثون في المصالح والإدارات والمنتشرون في دهاليز تونس وضواحيها أنّ هناكَ خصوصيةً تونسية وأنَّ قوام هذه الخصوصية أنّ التونسي ذكيّ ولا يسهُل استدراجه. لا تنقُصه الحميّة ولا الغيرة ولكنّه يعلَمُ أنّ الذي يسعى في استدراجه يُحرّك فيه الحمِيّة والغيرة. آنظروا جيّدًا منذ ما قبل الإنتخابات وإلى الآن مواقف ووضعيّات تتماهى جوهرًا وإن اختلفت شكلا: هناكَ معسكرٌ صُنّعَ مُعظمُه يُقدّمُ إعلاميًّا على أنّهُ الأصلب تديّنًا والأكثر يمينية وفي المقابل معسكَرٌ كلُّ سلعته ثديٌ يتعرّى من دون أن يغري وجلساتٌ مشبوهة وتعدٍّ على المقدّسِ برسمٍ أو بغيره وحديثٌ عن المثلية. هناك زيتٌ سلفي يُحرص على إبرازه وهناكَ نارٌ ليبرالية وبين الإثنين جهةٌ تسعى بآستمرار في جعل النّار تقترب من الزّيت ليكون الحريق وفي كلِّ مرّة يسلّمُ الله. القمّة كانت بالقيروان الإسلامية جدًّا التي تُقدّمُ إعلاميًّا كجغرافيا سلفية بآمتياز. الذين استقدموا أمينة إلى القيروان إنّما استقدموا النّار للزيت وحضر ذكاء التونسي ليمنعَ الحريق. لو أمسك بعضهم بأمينة يومها لكان الإنفجارُ عظيمًا. الذين دبّروا موقعة القيروان ولم ينجحوا مرّوا لصدورٍ أخرى، صدورٍ أجنبية هذه المرّة لعلّ الأجنبيّات يثرن الغريزة أكثر وليس المقصود غريزة الجنس ولكن غريزة ردِّ الفعل التي تنقُلُ الإنسان من الذكاء إلى الحمق. هناك مخابرات دول تعمَل باستمرارٍ بيننا وليس غريبًا أن تكون قادرة على التجسّس الإلكتروني والهاتفي. هذه المخابرات تريد تفجير الوضع ووسيلتُها المُثلى التدنيسُ لإخراج الذين يقدّسون كثيرًا لدائرة الضوء والقول بعدها أنّهم خطَرٌ على الحرّية. الذين يحرّكون هذه المخابرات يؤمنون أنّ الله عدوّ الحرّية ويخشون أن يُثبت التونسيون يومًا ما العكس. ما قد يُثبته التونسيون، إن حموا الذّكاء بينهم، ليس في مصلحة جماعة باريس ولا جماعة الرّياض والفاهم يفهم.