تصنف سنة 2017 كأكثر السنوات استقرارا في تونس، مقارنة مع السنوات الست السابقة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011 والتي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، فقد أطلقت السلطات التونسية حملة لمكافحة الفساد، وسيطرت أجهزة الأمن على الأوضاع في البلاد، كما استعاد قطاع السياحة عافيته بزيارة 7 ملايين سائح عشرات المقاصد السياحية في تونس. ولم تسجل خلال هذه السنة هجمات إرهابية عنيفة أو استعراضية بفعل سيطرة أجهزة الأمن، عدا بعض العمليات المعزولة كعملية منطقة جنعورة من معتمدية قبلي الجنوبية فيمارس الماضي أسفرت عن مقتل عنصر أمن وإصابة اثنين آخرين، أو خطف مجموعة إرهابية للراعي خليفة السلطاني بجبل مغيلة بولاية سيدي بوزيد جنوبي تونس وإعدامه. ونجحت قوات الجيش في غلق منافذ تسلل المجموعات الإرهابية والسلاح من ليبيا، والحد من نشاطها، وتمكنت من القيام بعمليات استباقية، كان أبرزها عملية القصرين في ماي الماضي حينما تمكنت مجموعة من الجيش من القضاء على قيادي بارز في تنظيم "اداعش" لإرهابي وتوقيف ستة من رفاقه. وقد بدأت مؤشرات الاستقرار الأمني تظهر منذ السنة الفارطة التى عرفت بملحمة بن قردان، وبدأت بوادر ومؤشرات الاستقرار الأمني «الحذر» واليقظة المتواصلة تتجلى اكثر وأصبحت العمليات الاستباقية سمة العمليات الامنية في مواجهة الخطر الارهابي. وكان وزير الدفاع الوطنى عبد الكريم الزبيدي خلال مناقشة ميزانية الوزارة لسنة 2018 ، قد أكد على ان الوضع الأمني العام في تونس «مستقر» رغم وجود تهديدات ارهابية جدية ولكنها تحت السيطرة. ومن بين العمليات الاستباقية التي نجحت فيها تونس أمنيا، عملية جبل بيرنو من ولاية القصرين صائفة 2017 والتمكن من القضاء على عنصرين ارهابيين من اخطر العناصر الارهابية وهما عاطف الحناشي الصادرة في حقه عدة مناشير تفتيش والمشارك في ابرز العمليات الارهابية وعنصر ارهابي ثانى جزائري والتمكن من القبض على ارهابي ثالث وهو فخر الدين البرهومي وهو من ابرز العناصر المطلوبة لدى القضاء والوحدات الامنية وصادرة في حقه العديد من المناشير. فضلا عن العملية الاستباقية بسيدي بوزيد التي قضى خلالها الامن على عنصرين، بينما فجر آخر نفسه في المنزل كما تم القضاء على عناصر أخرى على يد الجيش التونسي من بينها عبد الرحمان البوخاري خلال شهر فيفري 2017 وكذلك القضاء على الارهابي يحيى العرقوبي .. الى جانب ذلك تمكنت الوحدات الامنية من الكشف عن العديد من الخلايا الارهابية وايقاف عناصر تكفيرية ارهابية وتفكيك العديد من المخططات الارهابية وآخرها خلال اليومين الآخيرين بعد القبض على ارهابيين حيث اعترفا بمخططاتهما. كان العميد مختار بن نصر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل قد أكد في تصريح خاص ب"الشاهد"، أنه لم يعد للعناصر الارهابية أي وجود حقيقي ميداني، بعد ما نجحت الوحدات الامنية والعسكرية في ضرب قياداته وإمكانياته اللوجيستية وفقدانه الحاضنة الاجتماعية، مشيرا الى تواجد فقط بعض العناصر المتفرقة التي تؤمن بفكر التنظيمات الارهابية والتي تعهدت بردود فعل تثبت وجوده. وأشار محدث "الشاهد" الى ان هذه العناصر ستظل تتحرك من الحين الى الاخر في محاولة لإرباك المجتمعات في مناطق أخرى أكثر أمانا بالنسبة لهم وبطرق عشوائية. جدير بالذكر أن وحدات الجيش والأجهزة الأمنية تواصل منذ نحو سنة تسجيل نجاحات في التصدي للإرهاب، حيث وجهت ضربات موجعة للخلايا الجهادية المتمركزة في مرتفعات الجبال و الناشطة في الجهات الداخلية والأحياء الشعبية. ويؤكد متابعون ان هذه النجاحات الجدية التي حققتها البلاد ساهمت في تضييق الخناق على الظاهرة الجهادية وتخفيف مخاطرها، خاصة ان تونس حققت منذ 2014 استقرارا أمنيا ساهم هذا العام في زيادة الثقة في قدرة المؤسستين الأمنية والعسكرية في محاربة الإرهاب. ويعتبرون أن هذا الاستقرار المنجز الوحيد لحكومتي الصيد والشاهد على الاختيارات الصائبة من قبل الحكومة للمسؤولين الأمنيين، بعد سنوات عجاف عاشها التونسيون قبل هذه الانتخابات ومباشرة إثر الإطاحة بالنظام السابق.