تستعيد تونس اليوم بعضا من عافيتها بعد السنوات التي عرفتها منذ ميلاد الثورة من اختناق اقتصادي واجتماعي وسياسي تحمّل فيه التونسيون الثقل الأكبر من المعاناة والاحباط، وتمضي بثبات على الطريق السليمة بعدما تجاوزت قليلا كل ما من شأنه تعطيل مسارها الانتقال. فبعد ان صنفت عديد الدول الغربية تونس على أنها بلد غير امن ومنعت رعاياها من السفر اليها، تراجعت اغلبها عن ذلك منها الولاياتالمتحدةالامريكية التي صنفتها في اخر تحيين ضمن الفئة الثانية للبلدان التي يمكن السفر إليها إلى جانب ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والجزائر ومصر والأردن. هذه خطوة من شأنها أن تنقذ المسار الاقتصادي للبلاد وتشجع على السياحة كما لها تأثيرات ايجابية حتى على صورة تونس في الخارج. وجاءت المغرب ضمن الفئة الأولى التي يكفي للرعايا الأمريكيين اتخاذ الاحتياطات العادية عند السفر إليها، فيما جاءت كل من النيجر وموريتانيا في الفئة 3 التي تدعو واشنطن رعاياها إلى" إعادة النظر في سفرهم إليها " لوجود مناطق بها عالية المخاطر. وحلت ليبيا، مالي، أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وإيران والعراق والصومال وجنوب السودان وسوريا واليمن في الفئة 4 والتي تدعو فيها واشنطن رعاياها إلى عدم السفر إليها. ويشمل المقياس الجديد للسفر travel.state.govأربعة مستويات وخريطة تفاعلية للعالم تهدف إلى توفير النصائح للمسافرين بالاعتماد على تقييم للوضع الأمني. في سياق متصل، شدد وزير الخارجية خميس الجهيناوي في حوار صحفي على اهمية صياغة صورة ناصعة لتونس في الخارج موضحا ان هذه الصورة يساهم في صياغتها عديد المتدخلين وهي نتيجة للتفاعلات السياسية ونتيجة للوضع الأمني وللإصلاحات التي تقوم بها تونس لتوفير مناخ مناسب للاستثمار، معتبرا انه بسبب الاحتجاجات الاخيرة التي شهدتها البلاد تولت بعض الدول تغيير صياغة بعض تحذيرات السفر إلى بلادنا. هذا وصُنفت سنة 2017 كأكثر السنوات استقرارا في تونس، مقارنة مع السنوات الست السابقة التي تلت ثورة 14 جانفي 2011، استنادا الى عدة معايير منها حملة مكافحة الفساد التي أطلقتها السلطات التونسية، وسيطرة أجهزة الأمن على الأوضاع في البلاد، كما استعاد قطاع السياحة عافيته بزيارة 7 ملايين سائح عشرات المقاصد السياحية في تونس. ولم تسجل خلالها هجمات إرهابية عنيفة أو استعراضية بفعل سيطرة أجهزة الأمن، عدا بعض العمليات المعزولة كعملية منطقة جنعورة من معتمدية قبلي الجنوبية في مارس الماضي أسفرت عن مقتل عنصر أمن وإصابة اثنين آخرين، أو خطف مجموعة إرهابية للراعي خليفة السلطاني بجبل مغيلة بولاية سيدي بوزيد وإعدامه. كما شكل 2017 عام عودة نهوض القطاع السياحي، إذ سجلت تونس أعلى معدلات السائحين القادمين إليها، منذ عام 2010، وبلغ عدد السياح الذين زاروا تونس أكثر من 7 ملايين سائح، وبحسب الأرقام التي أصدرتها وزارة السياحة فإن تونس تمكنت من استقطاب أكثر من 2.3 مليون جزائري ، كما نجت في استعادة السوق الروسية وسائحين من عدة دول في أوروبا الشرقية كبولندا. وتعد هذه المرة الأولى التي تحقق فيها تونس هذا الرقم منذ 2014 الذي جاوز سبعة ملايين و100 ألف سائح، ليشهد بعد ذلك القطاع تراجعا كبيرا بسبب الهجمات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو وفندق امبريال بسوسة في 2015 وخلفت 59 قتيلا من السياح. وكان مجلس الولايات الإقليمية الألماني قد رفض في مارس 2017، مشروع قانون للحكومة الاتحادية يصنف تونس والجزائر والمغرب كدول منشأ آمنة قصد تسريع عملية طرد طالبي اللجوء من هذه الدول. كما أعلنت كل من الدنمارك والنرويج وايسلندا، في جوان الماضي عن قرار رفع تحذير رعاياها من السفر إلى تونس بغرض السياحة، بعد أن أعلنت قرارات تقضي بتحذير رعاياها من السفر إلى تونس عقب الهجوم الارهابي على نزل "الامبريال" بسوسة سنة 2015. يذكر أيضا أن دولا أخرى، على غرار السويد وفنلندا، كانت قررت رفع قرار التحذير من السفر إلى تونس منذ أشهر. وقد طالبت تونس في مناسبات عديدة برفع قرارات التحذير من السفر إليها الذي أقرته مجموعة من الدول وذلك لتحسن الوضع الأمني فيها ولانتفاء دواعي مثل هذه القرارات.