ما انفكت البيروقراطية تشكّل عائقا أمام تطور البلاد على جميع المستويات خاصة منها الجانب التنموي فيما يتعلق بجلب الإستثمارات الداخلية منها والدولية، وتفعيل المشاريع العمومية المعطلة منذ سنوات، باعتبارها تمثّل حاجزا أمام انجاز الإجراءات بالسرعة و الفاعلية الضرورية. وتفيد أرقام رسمية أن طول الإجراءات الإدارية والمعقدة تسببت لتونس في خسائر مالية ضخمة، وأخرجتها في عديد المناسبات من دائرة الإستثمار وحلقة الدول الأكثر تميزا بالتسهيلات الإدارية والمغرية للإستثمار. و تسعى تونس جاهدة في الفترات الأخيرة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المستثمرين من أجل حثهم على الإستثمار في تونس قصد تحريك عجلة الاقتصاد الذي بات يعاني عجزا كبيرا بعد الأزمات المتتالية التي مرت بها البلاد . فبعد نجاحها في ارساء الانتقال الديمقراطي، يراهن رئيس الحكومة يوسف الشاهد على إرساء الانتقال الاقتصادي عبر تحرير الاقتصاد الوطني من قيود البيروقراطية والإدارة العميقة، وقد أعلن الأربعاء 17 جانفي 2018، لدى إشرافه على افتتاح المؤتمر الوطني 16 لمنظمة الأعراف على البرنامج الحكومي لتحسين مناخ الاستثمار القائم على مراجعة منظومة التراخيص المستوجبة بما يتناغم مع قانون الاستثمار الجديد ومراجعة الإجراءات الإدارية في ما يتعلق بالاستثمار للحد من البيروقراطية. وشدد الشاهد على أنّ سكوت الإدارة على الاجابة على طلبات بعث المشاريع بعد انقضاء الآجال يعد ترخيصا، مؤكدا تحديد أجل أقصى ب60 يوما للتراخيص التي لم يتم ضبط آجالها بالنصوص. وأضاف أنّه سيتم نشر قائمة سلبية بالأنشطة الخاضعة للتراخيص قبل النصف الاول من السنة الجارية ليكون مبدأ حرية الاستثمار هو الأصل وذلك بالاعتماد على كراسات شروط مبسطة الإجراءات وتبقى التراخيص استثناء. وأكّد يوسف الشاهد التقليص في إجراءات بعث المؤسسة من 9 إلى 5 إجراءات مما يسمح بإنشاء مؤسسة في فترة تتراوح بين 48 و72 ساعة. كما أكّد التقليص من إجراءات رخص البناء من 18 إجراء إداري إلى 12 إجراء، اضافة إلى التقليص من إجراءات الربط بالشبكة الكهربائية واختصار الآجال من 3 أشهر إلى 60 يوما. وأعلن رئيس الحكومة عن التقليص من آجال نقل الملكية من 40 إلى 10 أيام ومراجعةً منظومةً الاجراءات لتخفيض آجال الشحن والمراقبة الديوانية بالموانئ البحرية التونسية وعلى رأسها ميناء رادس وفي خضم هذا الشأن، أكد المدون التونسي اسكندر الرقيق ، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أ "أن اهم انجاز للسبع الأولى من سنوات الثورة كانت حرية التعبير "، متابعا في ذات الصدد "فلنجعل إنجاز السبع الثانية هو الحرية الكاملة للاقتصاد من قيود البيروقراطية والإدارة العميقة المتخلفة مع حرية المبادرة في حكم محلي رشيد وسلطة محلية شفافة". هذا وتشير بعض الإحصائيات الى ان اكثر من 2000 مستثمر ليبي غيروا وجهتهم الاستثمارية من تونس الى عدد من الدول المجاورة . ويؤكد عدد من رجال الاعمال الذين يبحثون عن فرص للانتصاب في تونس ان بعض التعطيلات و الاجراءات الادارية المعقدة التي تتبعها مصالح الاقتصاد و الاستثمار في تونس تحد من فرص الانتصاب في بلادنا مطالبين في ذات السياق بتبسيط تلك الاجراءات ووضع تحفيزات ملموسة لتسهيل مهامهم للانسجام في النسيج الاقتصادي الوطني والمساهمة في خلق فرص العمل والتشغيل لمعاضدة مجهودات الحكومة لفض ازمة التشغيل . وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد دعا منذ أكتوبر خلال افتتاح منتدى الاستثمار، في نوفمبر الماضي على ضرورة محاربة البيروقراطية التي باتت تعيق الاستثمار. وأشار إلى أن الدولة بصدد مراجعة منظومة التراخيص الإدراية والتخفيض من آجال الحصول عليها ومراجعة التشريع المتعلّق بمادة الصرف الذي أصبح غير ملائم مع الظرف الاقتصادي الحالي للبلاد وفق تعبيره. ودعا رئيس الحكومة إلى إن لا يتحول الجدل القائم حول مشروع قانون المالية لسنة 2018 إلى محاولة لشيطنة المؤسسات مؤكدا بأنه أعطى تعليمات من اجل مواصلة الحوار مع المنظمات الوطنية بهدف الوصول إلى توافقات تتماشى مع روح المشروع وفق قوله.