طبعت الفوضى تحركات السياسيين ونشاطاتهم خلال الاشهر الاخيرة، وأربكت أحلامهم في الوصول الى السلطة حتى تذبذبوا بين العمل على كسب الرهان البلدي و الانخراط في موسم السباق نحو رئاسيات 2019، السابق لأوانه. فاختلف أسلوب كل سياسي، بين الاستثمار في التحركات الاحتجاجية، وانتقاد الحكومة وشيطنة الخصوم السياسيين، ولفت الانظار واثبات الوجود، وشرعوا في العمل على تحصيل أكبر دعم من الاصوات و الانتشار في مختلف الولايات لحشد الناخبين ومغازلتهم. رئيس الحكومة الاسبق مهدي جمعة في الترويج لنفسه عبر حزبه المكون حديثا، "البديل التونسي"، وانطلق في عقد الاجتماعات العامة التي استهلها في صفاقس حيث أكد خلاله أن الحل يكمن في "إعطاء الثقة للشباب وفي أن تكون تونس لجميع التونسيين والتوقف عن إضاعة الوقت في الشتم والبحث عن الفرقعات الإعلامية والصراع من أجل المواقع والكراسي، من دون برنامج أو رؤية أو بديل"، مقترحاً خمسة مقترحات للخروج من الأزمة وهي "التماسك الوطني" و"الاقتصاد المتأقلم مع السيناريوهات المستقبلية" و"اقتحام المجالات الجديدة للثورة الرقمية" و"الحوكمة العصرية" و"إحكام العلاقات الخارجية". ولم يتوارى رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي في استثمار التوترات الاجتماعية، والاحتقان الشعبي، لترفيع نقاطه السياسية، وتحسين رصيده الانتخابي، وهو ما اعتاد الحزب ورئيسه عليه منذ انتخابات 2014، حيث اُلصقت به تهمة تأجيج التحركات وإثارة النعرات الجهوية. هذا وانطلق المرزوقي خلال الاشهر الأخيرة في حملة للتعريف ببرنامج حزبه في عدد من الجهات وكثف من حضوره الاعلامي في وسائل الاعلام الجهوية، بعد أن عُرف بميله الى الاعلام الاجنبي، ويعتبر تتالي لقاءاته الصحفية في المدة الوجيزة الاخيرة ملفتا. وهي تقريبا نفس سياسة الامين العام للجبهة الشعبية، الذي لم يفوت الفرصة في استغلال التحركات الاحتجاجية التي تشهدها تونس من الحين للاخر، للانخراط فيها، وتطويعها لصالح جبهته ومصالحه السياسية. وعاد رئيس الحكومة الاسبق أيضا والقيادي السابق في حركة النهضة الى الساحة السياسية بعد غياب طويل، معلنا عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بصفة مستقلة، مشددا على انه لا ينوي تكوين حزب سياسي لأن التونسيين فقدوا الثقة في الاحزاب. أما مؤسس حركة نداء تونس المستقيل، والقيادي في حركة مشروع تونس، فقد قفز من الحكم الى المعارضة، ثم توسّط الساحة، وحاول كسب ود أحزاب، وتحالف مع خصومها، بحثا عن موطئ قدم في الحكومة، وسعيا لضمان نتائج قد ترضيه في الانتخابات الرئاسية القادمة. ويرى مراقبون أن انسحابه الاخير من وثيقة قرطاج، ليس إلا لفت نظر لحزبه الذي تأسس على إنقاض حركة نداء تونس. ويعتمد مرزوق سياسة معاداة حركة النهضة، ومن بعدها حركة نداء تونس والتصريحات التي تهاجمهما لكسب ود الشارع التونسي. ويشير مراقبون إلى ان أغلب الشخصيات السياسية التونسية يتوهمون أنهم زعماء وأن بإمكانهم الوصول إلى كرسي الحكم بسرعة، ويلفتون الى أن حالة من الخوف من الفشل وعدم إحراز مكاسب حقيقية دفع بعضهم الى اطلاق حملاتهم منذ أشهر.