تعيش تونس منذ إنتخابات 2014 على وقع أزمة مترامية شملت الجانب الإقتصادي و الإجتماعي و عمّقتها التجاذبات بين الأطراف الاجتماعية والسياسية، وظل التاريخ يعيد نفسه منذ سبع سنوات، فتتكرر نفس السيناريوهات وتُعاد نفس الأحداث بمعدل مرة في السنة تقريبا، هذا الدوران في حلقة مفرغة وتكرار نفس الاحداث لم يشمل فقط الأحداث الاجتماعية، فحتى المستجدات السياسية لم تتقدم كثيرا وظلت تتكرر هي الأخرى. هذا التكرّر، واختلاف الاطراف السياسية والاجتماعية حال اتفاقهم، هدد تواصل الوحدة الوطنية التي تكونت على أساسها الحكومة الحالية، خاصة أن دوائر مقربة من النهضة ذكرت ل"الشاهد"، أن مغادرة الحركة للحكومة أصبح مسألة مطروحة ومتداولة داخل مكاتب الحركة وفِي دوائر صنع القرار داخلها لعدة أسباب أهمها أن النهضة تحملت وحملت فوق طاقتها دائما رغم ان رؤس السلطة في تونس هم من نداء تونس الا ان النهضة دائما ما تتحمل المسؤلية وتجد نفسها في كثير من الأحيان تدافع عن الحكومة والدولة منفردة مثلما حصل في الأزمة الاخيرة من الاحتجاجات . وحسب ذات المصادر فإن هذه الإمكانية للخروج تعززها تصرفات النداء لكن منعها لحد الان الخوف على استقرار البلاد لكنها تظل ممكنة ليتحمل الجميع مسؤليته. هذه المعلومات التي أفادت بها مصادرنا، أشارت إليها محرزية العبيدي القيادية في النهضة في تصريح لصحيفة "الصباح نيوز" حيث أكدت أن عددا من قيادات النهضة طرحوا خلال اجتماعات المكتب السياسي في الأيام الماضية مسألة الانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية. وكان حزب آفاق تونس أعلن انسحابه من حكومة الوحدة الوطنية وقرر طرد وزرائه فيها من الحزب، بعد أن رفضوا دعوات رئيس الحزب ياسين ابراهيم الى مغادرتها، ودعا آفاق تونس إلى "القطع مع المنظومة السياسية الحالية المنبثقة عن وثيقة قرطاج؛ لحيادها عن الأهداف التي وضعت من أجلها إذ تم إفراغها من محتواها منتقدا في ذلك سياسة توافق حزبي حركة النهضو ونداء تونس. كما أعلن الحزب الجمهوري انسحابه من الحكومة بعد أكثر من سنة من مشاركته في التحالف الحكومي الذي تفكك لاحقا، بسبب ما اعتبره الحزب «ضغوط مارسها حزب نداء تونس على الناطق باسم الحكومة، القيادي في الحزب الجمهوري إياد الدهماني». وأضاف الناطق الرسمي باسم الجمهوري عصام الشابي لدى اعلانه الانسحاب إن من بين أسباب انسحابهم من الحكومة هي ممارسات «نداء تونس» ومديره حافظ قائد السبسي تجاه حزبه وتخيير الوزير الناطق باسم الحكومة، القيادي إياد الدهماني بين عضوية الحزب أو موقعه في الحكومة. يأتي ذلك بعد أن أعلن ممثله الوحيد في الحكومة، إياد الدهماني الاستقالة من الحزب، مخيرا الحفاظ على منصبه الحكومة. هذا وأعلن مؤخرا حزب مشروع تونس انسحابه، بصفة رسمية، من "اتفاق وثيقة قرطاج"، وسحب دعمه ومساندته للحكومة، مطالبا ب"تغييرها بتركيبة أخرى تضمن الاستقرار في البلاد". وأكد الحزب، في بيان، أن "مسار اتفاق قرطاج صار منتهيا، ولم يعد قادرا على تنفيذ ما وقع الاتفاق عليه"، وداعيا إلى تغيير الحكومة "لأن بقاءها بشكلها الحالي هو عنوان لغياب الاستقرار". ويبقى توتر العلاقة بين حزبي نداء تونس والنهضة، أكثر المسائل التي باتت تعصف بامال "الوحدة الوطنية" للحكومة التي انبثقت عن وثيقة قرطاج التي مثلت في مرحلة ما من تاريخ تونس جوهر اتفاق عدد من الأحزاب" والمنظمات الاجتماعية التونسية، على خارطة طريق انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية، وقامت على مبدأ توسيع قاعدة التوافق السياسي والاجتماعي حول عدد من الأولويات، بهدف تجاوز المأزق الذي عرفته البلاد مع نهاية الحكومة السابقة، نتيجة فشلها في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي المتردي. جدير بالذكر ان 9 أحزاب وثلاث منظمات وطنية وقعت على هذه الوثيقة غير أن التطورات السياسية التي عرفتها البلاد، تسببت في انسحاب ثلاثة أحزاب منها، هي حزب آفاق تونس، والحزب الجمهوري، لتنضم اليهم حركة مشروع تونس، فيما ظلت حركة الشعب لا داعمة ولا معارضة.