يعيش الشارع السياسي التونسي حالة من التباينات والخلافات التي ما انفكت ترافق التحضيرات للانتخابات المحلية، بعد انسحاب عدد من الكتل الحزبية والحركات السياسية من اتفاق قرطاج، واتهامها لحكومة يوسف الشاهد بعدم الالتزام بتنفيذ بنود وثيقة الاتفاق. وتشير تقارير اعلامية وتسريبات سياسية الى ان نداء تونس الذي كان من المفروض ان يساند حكومته بات غير ثابت من حيث سلوكه ومواقفه تجاهها، وقد يكون ذلك بداية تخليه عنها، ويربطون ذلك بممارسته ضغوطات متنوعة يقولون إنها خفية في الغالب على الحكومة، وهو ما يدعو الى التفكير في ما اذا كان نداء تونس سيتحمل مسؤليته الانتخابية بدعم صريح وواضح لرئيس الحكومة أم أن الشاهد سيواجه اقالة منتظرة بعد الفتور الذي طال بين الطرفين. و حسب ما تناقلته مصادر إعلامية متنوعة ، فإنّ الشاهد يتعرض لضغوطات كبيرة ليوقف حربه على الفساد ، سيناريو اخر يقول انه عُرض على الشاهد ايقاف حملته على الفساد مقابل الإبقاء على منصبه كرئيس للحكومة ، هذه التخمينات أكدها وزير الوظيفة العمومية السابق و منسق عام مبادرة اليسار التونسي عبيد البريكي الذي لفت إلى وجود لوبيات تحكم رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وأفاد الباحث بالجامعة التونسية، خليفة الحداد ، بأن هناك مؤشرات كثيرة تكشف عن "صراع خفيّ بين حافظ السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، من جهة، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد من جهة ثانية". كما أعلن نداء تونس مؤخرا فك ارتباطه بشريكه في الحكم، حركة النهضة، رغم ما لعبه توافق الحركتين من دور ايجابي في دعم الحكومة، ومساندتها، وهو يعي خطورة فك الارتباط، على الحزام السياسي لحكومة الوحدة الوطنية. تعليقا على ذلك اعتبر المحلل السياسي محمد بوعود في تصريح ل"الشاهد"، أن النبرة الحادة التي تعامل بها نداء تونس منذ شهر مع رئيس الحكومة تراجعت، وأن تدخل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي قد وضع الأمور في نصابها وألجم الأصوات المتطرفة داخل النداء التي كانت تدعو لإزاحة الشاهد. وأضاف محدث "الشاهد" أن نداء تونس منشغل حاليا بالاعداد للانتخابات البلدية وأرجأ مسألة عزل رئيس الحكومة الى وقت، مستنتجا أن الحكومة الحالية ضمنت على الاقل بقاءها حتى 2019 وإشرافها على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. من جهته، اعتبر عبد الله العبيدي في تصريح ل"الشاهد"، أن تونس تعيش وضعا سرياليا، ومبهما لا يمكن التفريق فيه عن الأطراف التي تساند الحكومة والتي تعارضها، مشيرا في هذا الصدد الى مواقف المسار الاجتماعي مثلا المشارك في وثيقة قرطاج وفي الحكومة والمنضم الى الائتلاف المدني المكون حديثا بغاية معارضة الحكومة. هذا تُظهر المستجدات انقساما واضحا في المواقف السياسية بشأن حكومة الوحدة الوطنية، ترجمته البيانات الحزبية المنادية بإنهاء مهام حكومة يوسف الشاهد بعد ان فشلت في ضمان الطريق السالك للازمة الاقتصادية، لتزيد الأصوات في الارتفاع بعد مشاركة أعضاء من الحكومة في أنشطة حزبية لنداء تونس استعدادا للانتخابات البلدية القادمة بما يعنيه ذلك من تداخل بين الدولة والحزب وضرب لمبدإ تكافؤ الفرص بين الجميع. هذا ويشير مراقبون إلى أن نداء تونس دخل مرحلة عمل جديدة تقوم على تعزيز صفوفه بشكل علني بأعضاء سابقين من التجمع، فيما تقول المعارضة إنه سيمكّن أتباع وقيادات الحزب المنحل -الذين يطلقون عليهم اسم الأزلام- من العودة للساحة السياسية من باب واسع رغم مطالب شعبية بإبعادهم من الحياة السياسية. ويشيرون إلى أن الحركة منشغلة خلال هذه الفترة، بترميم نفسها، واستعادة أشلائها التي انشقت عنها، وكونت أحزاب معارضة لها، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.