يطمحُ جلّ رؤساء الأحزاب في تونس الى أن يكون لهم وزنٌ سياسيّ و ثقل جماهريّ، لكن يبقى هذا الحلم السياسي يواجه رياح تغييرات متواصلة ، خاصة ان هذه الاحزاب و بقيادة رؤسائها لم تنجح في ارساء تنظيم يقطع مع سياسة الزعامة والصراع على المناصب بدل انجاز أحزاب حقيقية . و يرى مراقبون ان العديد من مؤسسي الأحزاب يطمحون إلى حكم البلاد في حين أنهم يدركون قبل غيرهم بأن أحزابهم لا تملك الحدّ الأدنى المطلوب لتكون آلة انتخابية قادرة على الوصول للحكم ولذا ترى جلّ هذه الزعامات تراهن على الفوز الشخصي في الانتخابات الرئاسية باعتباره مفتاح كل شيء. و يلفت المراقبون إلى أنّ زعماء الاحزاب السياسية مولعون بالشهرة و حبّ الظهور ، لكنهم يفتقرون في المقابل إلى الحسّ التشاركي وتميزوا بالحكم الفردي والمطلق و تقزيمهم لدور القيادات الاخرى ، مادفع ببعض هذه القيادات إلى التمرد أو تقديم الاستقالة . و أعلنت القيادية في حزب آفاق تونس فاتن القلال عن استقالتها من الحزب بسبب ما اعتبرته "تواصل ممارسات لا تخدم سوى الحسابات الضيقة." كما كشفت كاتبة الدولة للشباب السابقة أنها علقت نشاطها رفقة العديد من القيادات في أفاق تونس سابقا بسبب تصرفات رئيس الحزب ياسين ابراهيم وتفرّده بالرأي. و كتبت فاتن القلال ما يلي : "تو مدة علقت نشاطي رفقة العديد من القيادات في آفاق تونس تعبيرا عن رفضي لبعض الممارسات إلي ما تخدم كان الحسابات الضيقة أملا مني انو السيد رئيس الحزب يستوعب الموقف و يتدارك الموضوع و ما راعني إلا اني نسمع نفس لكلام متاع شكون وصلك, ما راعني الا انو السيد ياسين براهيم يستغل الموقف باش يقصي جميع المناضلين المتعاطفين مع هذا المسار, يعني لا يكتفي بتجاهل القيادات و إنما حتى القواعد موش لازمينو, ما نعرفش شنوة نوعها السياسة هذه, اما متأكدة إلي هي ما عندها وين توصل و لذا أعلن استقالتي من الحزب نهائيا لأنه لا جدوى في إهدار الطاقات أكثر خاطر حديثك مع الي ما يفهمكش ينقص مالعمار." من جانبه كشف حافظ الزواري النائب الممثّل لحزب آفاق تونس في سوسة في تصريح لموقع "الشاهد" ، عن وجود ما وصفه "ببعض المشاكل" التي تدور بين أروقة الحزب ، داعيا في الان نفسه "الآفاقيين" إلى التحلّي بالمسؤولية و العقلانية و الابتعاد عن التصرفات الانفعالية و المتسرّعة. و بخصوص ما يروج حول تفرّد رئيس الحزب ياسين ابراهيم بالرأي وممارسته لسياسة الإقصاء مع اي فكر يتعارض معه ، قال محدثنا " لا أستطيع التأكيد او الجزم في هذا الموضوع و لكن توجد نسبة من الصحة في هذا الكلام و لكن مع هذا يجب ان نبتعد عن الفتن و عن تصريحات الانقسام و ننشغل بما هو أفضل للاحزاب و الوطن." وكان 24 عضوا من المجالس الجهوية لصفاقس 1 وصفاقس 2 ومن المكتب السياسي والمكاتب المحلية لحزب أفاق تونس أعلنوا مساء الخميس، استقالتهم من جميع هياكل الحزب بسبب "عدم احترام المؤسسات الجهوية والمحلية المنتخبة والشرعية من طرف رئيس حزب آفاق تونس ياسين إبراهيم، وسعيه قبل وبعد انتخابه في المؤتمر الأخير لإقصاء كل من خالفه الرأي". وفي ردّه على تلك الإستقالة الجماعية، أكد حزب آفاق تونس أنه كان ينتظر تلك الاستقالات باعتبار أن المجموعة المستقيلة لم تتقبل قرار هياكل الحزب بالانسحاب من الحكومة ومن وثيقة قرطاج كما انها محسوبة على النائب أنور العذار الذي استقال من الحزب في وقت سابق. ما يمرّ به حزب آفاق تونس غير بعيد عن ما تمرّ به حركة مشروع تونس الذي يترأسها محسن مرزوق ، اذ أن الاحداث التي تدور بين رحايا "الآفاقيين" غير بعيدة عن تلك التي شهدتها حركة مشروع تونس التي عرفت في الأشهر الأخيرة استقالة جماعية بسبب أمينها العام محسن مرزوق الذي اتُّهم بالتفرد بالرّأي و بممارسة السلطة المطلقة دون الرجوع إلى أعضاء الحزب.