إفشال هذا الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام بن علي في جانفي 2011، ومصادرة القرار ، أجبر رموز النظام البائد على التحالف مع عديد الوجوه السياسية الجديدة التي باتت تترأس اليوم أحزابا تلف نفسها بلفاف الحداثة و الديمقراطية ، شق من هذه الاحزاب تمثله حركة نداء تونس و افاق تونس و حركة مشروع تونس، إذ لا تنفي هذه الاحزاب علاقتها برموز التجمع بل تستميت في الدفاع عنها ان لزم الامر و لا ننسى حرص نداء تونس على تمرير قانون المصالحة الادارية و الذي يعد حسب المختصين الحبل الذي اعاد التجمعيين للمشهد السياسي . و تُحاول أحزاب التجمّع العودة للساحة السياسية مدجّجة بأحزابها وقواعدها لاستعادة الدولة التي يعتبرونها ملكا مشاعا لهم ، عادوا دون اعتذار و بتمجيد للعهد السابق ، عادوا رغما عن انف الشعب و القانون وأسندت لهذه الاحزاب مهمة ضرب التيار الثوري في البلاد لفتح الطريق للذين عاثوا فسادا في البلاد . و أثار فصل قانوني يمنع قيادات في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، من الترشح لعضوية الفرق المشرفة على مكاتب الاقتراع جدلا في الوسط المحلي . ويقضي القانون الانتخابي بألاّ يكون المترشح تحمّل أي مسؤوليات أو مناصب في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وهو حزب بن علي، وذلك استنادا إلى الفقرة الخامسة للفصل 121 من المرسوم عدد 16 المؤرخ في ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء. وتشمل المناصب "رئيس أو عضو في الديوان السياسي عضو باللجنة المركزية، المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية، أمين قار أو أمين مساعد أو مدير ديوان أو أمين عام للاتحاد التونسي لمنظمات الشباب، أو مدير مركز الدراسات والتكوين، أو رئيس دائرة أو عضو المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي، أو عضو لجنة تنسيق أو عضو جامعة ترابية أو مهنية أو رئيس شعبة مهنية أو ترابية". و بالرغم من ان القانون واضح و صريح في هذا الموضوع ، إلا ان اطرافا سياسية عبرت عن استنكارها مشيرة الى ان ما يحدث يعدّ "تمييزا و إقصاء لشريحة من التونسيين " ، و لعل اكثر المدافعين عن هذه الفكرة حزب النداء و افاق تونس و مشروع ، الاحزاب التي عرف عنها انحيازها للتجمّع . واعتبر النّائب في البرلمان والقيادي في حزب "آفاق تونس"، كريم الهلالي، أن قرار هيئة الانتخابات يعدّ إقصاء لشريحة من التونسيين والتونسيات، وحرمانا من المشاركة في مراقبة الانتخابات البلدية المقبلة، بدعوى أنهم تحملوا مسؤوليات في الحزب الحاكم قبل الثورة، واصفاً القرار بأنه "غير قانوني وغير أخلاقي". وأضاف الهلالي في تدوينة على صفحته في موقع "فيسبوك"، أن "من يحق له أن ينتخب أو يترشح للانتخابات، له كامل الحقوق لمراقبتها"، داعيا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى مراجعة هذا القرار. ووصفت رئيسة المجلس المركزي لحزب مشروع تونس، وطفة بلعيد، القانون ب"التمييزي والمتناقض مع الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين". وقالت بلعيد، في تصريحات إعلاميّة ، إن هذا المنع لا معنى له في ظل المصادقة على قانون المصالحة الإدارية، كما اعتبرته "غير دستوري وتمييزي وإقصائي". كما شنّ عدد من المحسوبين على حزب التجمّع المُنحلّ حملة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" عبّروا فيها عن غضبهم من قرار "إقصاء كل من كانت له مسؤولية في التجمع من التواجد في هيئات مكاتب الاقتراع للانتخابات البلدية". في المقابل، يحظى القانون الانتخابي الجديد بدعم من قبل أحزاب أخرى تعتبر أن الجدل المرتبط بحظره عضوية مكاتب الاقتراع على المنتمين لحزب بن علي المنحل هي "مزايدات سياسية". وأضاف الامين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي ، قائلا: "لا يمكن أن نأتمن التجمعيين على الانتخابات البلدية، ونضمن إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وشفافة بمشاركة قيادات التجمع في تنظيمها". في الإطار ذاته، دافع نائب رئيس هيئة الانتخابات، عادل البرينصي، عن إجراء إبعاد التجمعيين من الإشراف على مكاتب الاقتراح خلال الانتخابات البلدية المقبلة، موضحا أن الهيئة طبقت ما جاء في القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاءات. وأشار البرينصي، في تصريح ل"أصوات مغاربية"، إلى أن الهيئة "لا يمكنها تجاوز القوانين المعمول بها لضمان إنجاح الانتخابات وعدم إلغاء نتائجها".