فضلا عن كونها ستكون معيارا يقاس من خلالها مدى ثقل الأحزاب ، فإنّ الانتخابات البلدية القادمة ستكون أيضا أرضا لمعارك سياسية وإيديولوجية لا علاقة لها بالشأن المحلي. وقد بدأت طبول هذه الحرب تدقّ ببادرة من بعض الاحزاب السياسية التي تتخذ في كلّ مرة الصراع الايديولوجي عنوانا. وتدُلّ كل المؤشرات على أن المواجهة بين الفصائل السياسية ، مرشحة لكي تتسع دائرتها خلال الفترة القادمة،ومن غير المستبعَد أن تطغى هذه المواجهة على مُختلف محاور الصِّراع، التي ستبرُز مع قُرب انطلاق الحملة الانتخابيات للبلديات، التي ستنطلق في 6 ماي المقبل . وعادت قبل أشهر من موعد الإنتخابات البلدية ،بعض الاطراف الى الترويج لثنائية الاستقطاب في الساحة السياسية حيث نصّب كل منها نفسه بديلا للآخر الذي لابد ان يتم «استئصاله» حسب ما يروج. وتؤكّد المعطيات المنشترة هنا و هناك بأنّ حركة نداء تونس تلعب دورا رياديّا في هذا الاستقطاب وسط تصعيد لافت في خطابها السياسي المناهض لحركة النهضة ، و يعكس هذا التصعيد استحضارا لمفردات الخطاب السياسي الذي ساد الحملة الانتخابية لحركة نداء تونس خلال انتخابات 2014، وهو بذلك مُرشّح لأن يُعمّق الهوّة بين الاحزاب السياسية التي اتسعت في أعقاب الانتخابات الفارطة. وفي الواقع، يعود الإستقطاب الثنائي بين الإسلاميين واليسار في تونس، إلى عوامِل متعدِّدة، بعضها مَوْرُوث عن المرحلة السابقة للثورة، وبعضها الآخر أفرزته المرحلة الرَّاهنة، نتيجة الأحداث والتَّراكُمات التي حصلت خلال الأسابيع الماضية. و عرفت الاسابيع الاخيرة تصعيدا غير مسبوق بين قيادات ندائية و نهضاوية ووصل الى حدّ المشادات الكلامية ، مشادات اذكاها التصريح اللامسؤول للقيادي بالنداء عبد العزيز القطي . وقال عبدالعزيز القطي، في تصريحات نُشرت الخميس، إن "خطر الإسلام السياسي في دولة مدنية مثل تونس مازال قائما، ولا يمكن الاطمئنان نهائيا لحركة النهضة التي تُعتبر ممثل الإسلام السياسي في البلاد". ولفت إلى وجود مشروعين في تونس، الأول وطني مدني ديمقراطي حداثي، تمثّله حركة نداء تونس وبقية القوى الأخرى، والثاني يتعلق بمشروع الإسلام السياسي الذي تُمثّله حركة النهضة، وبالتالي فإن التنافس في الانتخابات المحلية القادمة سيكون بين المشروعين. وحذّر من أنّ فوز حركة النهضة بالانتخابات القادمة، يعني لها "التمكين"، لافتا إلى أنّ الخطر يكمُن في أنّ مثل هذا الفوز سيمكّن النهضة من السيطرة على مفاصل الحكم في الجهات، بما يفتح الطريق أمامها للفوز بالانتخابات التشريعية أو الرئاسية القادمة. ويعكس هذا التصعيد، استحضارا لمفردات الخطاب السياسي الذي ساد الحملة الانتخابية لحركة نداء تونس خلال انتخابات 2014، وهو بذلك مُرشّح لأن يُعمّق الهوّة بين الحركتين التي اتسعت في أعقاب الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة ألمانيا في ديسمبر الماضي. ووصف القيادي في حركة النهضة عبد اللطيف المكي، النائب عن حركة نداء تونس عبد العزيز القطي بالإنسان غير الصادق الذي لا يمكن الاستماع إليه وإلى نصائحه، مُشيرا إلى أنّ القطي تنقل بين 7 أحزاب سياسية على الأقل. وقال عبد اللطيف المكي إنّ هنالك محاولة للتخويف من النهضة واستدراج المواطنين إلى نفس المربع القديم، مشدّدا على أنّ النهضة ليست خطرًا على الحريّات الفردية للتونسيين. وأضاف أنّ فوز النهضة في الانتخابات البلدية سيعمل على مزيد تكريس الديمقراطية واللامركزية، حسب ما ذهب إليه.