لا أحد ينكر أهمية الدور الفاعل الذي ساهمت به المرأة التونسية لإرساء تونس إلى بر الأمان و تحقيق الإنتقال الديمقراطي .. ولعل من اهم ميزات الثورة التونسية ، انها افسحت المجال امام المرأة بشكل فعال ، وضمنت شراكة كاملة بعيدة عن التمثيلات السياسية الصورية لتزيين الواجهة و إضفاء تناغم على التركيبة السياسية .. بيد أنه رغم خوضها غمار التجربة السياسية والنقابية والجمعياتية وغيرها، لا تزال مشاركة المرأة دون المأمول سيّما في المراكز السيادية التي لم تحظَ بها رغم مرور سبع سنوات على الثورة. وهو ما أقرّه عدد من مكونات الأوساط السياسية والحكومية مؤكّدين أن مشاركة المرأة في الشأن العام مازالت دون المستوى المأمول رغم الترسانة القانونية التي تعززت في الآونة الأخيرة لفائدة المرأة التونسية. ولعل الاستحقاق الانتخابي البلدي يمثل فرصة لتقتحم به المرأة بقوة الشأن العام و تثبت قدرتها على الفعل و التميز فيه ، سيما و قد نص القانون الانتخابي للبلديات على ضرورة ارساء مبدأ التناصف الأفقي في القائمات المترشحة لخوض غمار الانتخات البلدية. وقد خيم الجدل حول مسألة التناصف على نتائج القائمات المترشحة للانتخابات البلدية التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الجمعة 23 فيفري 2018 والتي أظهرت أن أغلب القائمات لم تحترم مبدأ التناصف الأفقي ، باستثناء حركة النهضة التي رشحت في المرحلة الأولى 350 قائمة على رأسها 176 رجلا و174 امرأة ثم بعد التعديل احترمت مبدأ التناصف كليّا بترشيح عدد متساوٍ للجنسين، على عكس القائمات الأخرى التي اضطرت هيئة الانتخابات الى اسقاط عدد منها. وفي خضم هذا الشأن، اعتبرت عضو مجلس نواب الشعب عن حركة النهضة منية إبراهيم ، في تصريح اعلامي أنّ «الواقع التونسي يعجز عن مواكبة الثورة الدستورية والتشريعية، في علاقة بالمكاسب التي حققتها المرأة التونسية». وفسّرت إبراهيم ذلك ب"التواجد الضعيف جدا للمرأة في الحكومة (3 وزيرات و3 كاتبات دولة (مساعدات وزير) من أصل 43 وزيرا)»، مشيرة إلى أن هذا التمثيل «لا يعكس العطاء الذي تقدمه المرأة التونسية في الإدارة أو البرلمان أو غيره من المجالات". وأرجعت إبراهيم ضعف المشاركة السياسية للمرأة إلى أن «الأحزاب لا تواكب وضعية المرأة التونسية، حيث مشاركتها فيها ضعيفة جدا، إذ لا يوجد تشريع يلزم الأحزاب على التناصف في هيئاتها القيادية». وشدّدت إبراهيم على أن «الواقع التونسي مازال يخطو خطوات بطيئة للحاق بالثورة التشريعية في مجال حقوق المرأة». ولفتت أنه «باستثناء (حركة) النهضة فإن مشاركة المرأة في بقية الأحزاب ضعيفة ولا تستجيب لدور المرأة، حيث نجدها في الحملات الانتخابية، ولكنها غائبة عن القرار السياسي». واستطردت: «بقدر ما توجد تشريعات ثورية بقدر ما هناك وضعية أخرى للمرأة لا تشرّف تونس». ولفتت النائبة إلى وجود «فئة من النساء يعانين مشاكل لا تليق بتونس، وخصوصا النساء في الأرياف اللواتي يشتغلن بأجور زهيدة جدا، وينتقلن في وسائل نقل لا إنسانية، ويتعرضن للعديد من الحوادث، فضلا عن الانقطاع المبكر عن التعليم». وأردفت: «نعمل في البرلمان على إيجاد قانون من أجل تحسين وضعية المرأة الريفية، وسنسعى لإيقاف هذه الوضعيات، ووضع حد لمثل هذه الانتهاكات لحقوق المرأة من قبل الدولة التونسية». وشددت على أن بلادها تحتاج إرادة سياسية من الحكومة والبرلمان والأحزاب، لتقليص الفجوة بين التشريعات والواقع. وتعليقا على مبادرة رئيس البلاد المتعلقة بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل، قالت إبراهيم إن «المبادرة ظاهرها إقرار المساواة وباطنها تغيير نمط المجتمع التونسي، وخلفيتها استجابة لوعود انتخابية قطعها الرئيس لناخبيه حين كان رئيس حزب (نداء تونس)، قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014». وترى إبراهيم أن «الأولوية، اليوم، ينبغي أن تمنح لإيجاد حلول للمرأة الريفية، وللمرأة المعنّفة، وللتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة بشكل عام». و ترى منية إبراهيم أن «قرار إلغاء المنشور الذي يمنع زواج التونسية المسلمة بغير المسلم غير ذي مفعول وغير قانوني، لأن القرار لا يلغي القانون المضمّن في مجلة الأحوال الشخصية الذي يمنع زواج التونسية بغير المسلم.