بدأ الغشاء النقابي لاكبر منظمة شغيلة في تونس ( اتحاد الشغل) يتحلّلُ يوما بعد يوم ليكشف عن وجهٍ ثاني للمنظمة التي ما فتئت تُطالب بمطالب سياسوية لا علاقة لها بالعمل النقابي لا من قريب او من بعيد ، إذ لا يمكن ان ينكر احد الدور الذي تضطلع به المنظمة في تعيين حكومات و الإطاحة بأخرى ، حتى ان البعض و بنبرة سخرية بات يقول ان اتحاد الشغل تحول "الى دولة وسط دولة" ، يناقد من يشاء و متى يشاء في الوقت الذي لا يقدر احد على نقده او التجرؤ عليه . اليوم و قبل أسابيع معدودة من الاستحقاق البلدي ، نزل اتحاد الشغل بكل ثقله ليشنّ حربا سياسيّة على حركة النهضة، معركة اتخذت أشكالا عديدة ، من بينها المطالبة بتحوير وزاريّ ، تحوير يسْتثني كل الوزارات ما عدى ممثلي النهضة في الحكومة ، فقد اعلن الكاتب العام المساعد لإتحاد الشغل حفيظ حفيظ و بصريح العبارة ان المنظمة الشغيلة تجد اشكاليات مع وزارات التنمية و تكنلوجيا الاتصالات ، مع العلم ان هاتان الوزارتان يديرهما وزيرين نهضويين وهما زياد لعذاري (وزير التنمية والاستثمار ) وأنور معروف (وزير تكنلوجيا الاتصال)، تصريح رأى من خلاله المراقبون ان المنظمة الشغيلة تسعى الى التضييق على حركة النهضة و تقليص ممثليها في الحكومة. غير أن دعوة الاتحاد الى اجراء تحوير وزاريّ لا يصبّ في الصالح العام بقدر ما يصبّ في صالح ائتلاف حزبيّ لم تسعفه قلة قوائمه الانتخابية (119 قائمة ) و عدد نوابه القليلون في مجلس النواب(15 نائبا) في العثور على موطئ قدم في الساحة السياسية ، فنقل معركته لاتحاد الشغل ،الائتلاف الحزبي الذي نتحدث عنه هو ائتلاف الجبهة الشعبية الذي تربطه اواصل صداقة عريقة و متينة باتحاد الشغل ، حتى ان البعض بات يقول ان اتحاد الشغل هو الوجه الثاني للجبهة الشعبية ، فالذي لم تقدر عليه الجبهة تمرّره عبر اتحاد الشغل الذي يتلون و يتبدل حسب ما يرضي الجبهة الشعبية . هناك من يتحدث ايضا عن تخفي اتحاد بثوب المنظمة الشغيلة ، اذ لا ننسى ان صاحب تصريح ( التحوير الوزاري لممثلي النهضة ) حفيظ هو حفيظ هو نفسه الذي ترأس قائمة عن دائرة قابس في انتخابات 2011 ، و التي اسقطت لفشلها في تجيمع الاصوات اللازمة . الآن بات جليّا ان المنظمة الشغيلة و التي كان من المفترض ان تلعب دور الوساطة بين العمال و الحكومة ، تلعب اليوم ادوارا أخرى أكثر شموليّة و تأثيرا و لا علاقة لها بالعمل النقابي ، إذ يُجمع اهل الاختصاص السياسي على أن الهدف المعلن من وراء كلّ ممارسات الاتحاد( من احتجاج و شل أجهزة الدولة) هو تحقيق مآرب سياسوية، تخدم الجبهة الشعبية على وجه الخصوص، الجبهة التي لم تترك سلاحا إلا أشهرته في وجه خصمها الايديولوجي و التقليدي حركة النهضة . و يرى ملاحظون ان اتحاد بعد الثورة ليس هو نفسه اتحاد ما قبلها. اذ أنّ صورة العمل النقابي تكاد تفقد صفاتها المعهودة وطغى عليها السياسي في الكثير من الأحوال. وخلال الفترة الماضية نقل الاتحاد انتقاداته للحكومة إلى النقابات القطاعية مثل نقابة التعليم الثانوي القوية والتعليم العالي والأطباء والبريد ليمارس من خلال الإضرابات نوعا من الضغوط الاجتماعية والسياسية على الحكومة.