رغم مضيّ سبع سنوات من الثورة وانقضاء أربعة أعوام من تاريخ التصديق على دستور الجمهورية الثانية لم يتمّ بعدُ التوصل إلى تشكيل المحكمة الدستورية. و يرى مراقبون أنّ تشبُّث الكتل النيابية بمرشّحيها منع في كل مرة التوصّل الى إتفاق بالتصويت لفائدة أي مرشّح من طرف اغلب الكتل وضمان حصوله على أغلبية الأصوات المطلوبة ، اذ ان المرشح لعضوية المحكمة عليه ان يتحصّل على (145 صوتا) و أمرٌ شبه مستحيل. و رغم تنصيص الدستور في احكامه الإنتقالية على إرساء المحكمة الدستورية في اجل أقصاه سنة من الإنتخابات التشريعية التي تم إجراؤها في 26 أكتوبر 2014، الا ان مسار إحداث المحكمة لا يزال معطلا بعد تجاوز آجال احداثها 3 سنوات ، و لا تزال مرحلة إنتخاب وتعيين أعضائها معطّلة داخل البرلمان الذي ينتخب 4 أعضاء من جملة 12 عضوًا في المحكمة الدستورية. وكان مجلس النواب قد عقد يوم امس الثلاثاء 13مارس 2018، جلسة عامة لانتخاب اعضاء المحكمة ، إلاّ أنّ الجلسة تكلّلت بالفشل بعد عدم حصول اي من المترشحين على النصاب القانوني (145 صوتا). و أعلن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر يوم الثلاثاء عن حضور 146 نائبا ( من جملة 217 )في الجلسة العامة المخصصة لإنتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ، مع العلم أن الفوز بعضوية المحكمة يتطلب 145 صوتا. وكان رؤساء الكتل بالبرلمان قد عقدوا أكثر من 10 اجتماعات الأسابيع الماضية، "في محاولة لتقريب وجهات النظر والإتفاق حول أرضية مشتركة، قبل المجازفة والمرور إلى الجلسة العامة الإنتخابية" و من المتوقّع أن يُعاد سيناريو التعطيل الذي شهدته عملية إنتخاب رئيس هيئة الإنتخابات، او حتى أن يكون التعطيل اكبر خلال انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية. و يرى الخبير الدستوري قيس سعيّد، أنّ اهمّ إنعكاسات تأخر تركيز المحكمة الدستورية يتمثّل في مواصلة القضاء إصدار احكام وفق قوانين لا تتماشى مع الدستور الجديد لتونس في حين انه لو كانت المحكمة الدستورية موجودة يمكن لأي مواطن الدفع بعدم دستورية أي قانون على هامش قضية لا يتعلّق موضوعها الأصلي بدستورية القانون في حدّ ذاته ولكن بإعتباره السند القانوني للبت في تلك القضية. وينتخب مجلس نواب الشعب الأعضاء الأربعة بالإقتراع السري وبأغلبية الثلثين من أعضائه، فإن لم يحرز العدد الكافي من المرشحين الأغلبية المطلوبة، بعد ثلاث دورات متتالية، يفتح باب الترشيح مجددا لتقديم عدد جديد من المرشحين بحسب ما تبقى من نقص مع مراعاة الإختصاص في القانون من عدمه. يذكر أن المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية يقدمان أيضا ترشيحاتهما لعضوية المحكمة الدستورية التي أحدثت بمقتضى قانون أساسي تمت المصادقة عليه في ديسمبر 2015، والذي ينص الفصل 11 منه على أن مجلس نواب الشعب يعيّن أربعة أعضاء للمحكمة الدستورية طبقا لما يلي : لكل كتلة نيابية داخل مجلس نواب الشعب أو لكل مجموعة نواب غير منتمين للكتل النيابية يساوي عددهم أو يفوق الحد الأدنى اللازم لتشكيل كتلة نيابية، الحق في ترشيح أربعة أسماء على الجلسة العامة، على أن يكون ثلاثة منهم من المختصين في القانون. وينص دستور 2014 على تركيز المحكمة الدستورية في أجل عام واحد من تاريخ إجراء الإنتخابات التشريعية لسنة 2014.