هلْ ستواصلُ هيئة الحقيقة و الكرامة ، عملها أم لا ! سؤال طرحه أكثر من طرف ، و لم يجد إلى يومنا هذا إجابة شافية و ضافية ، نظرًا لتعقّد الأمور القانونية و تشابك المواقف السياسية ، حتى أن بعض النواب كان ردّه على الموضوع " لا نعرف مآلات هذا الوضع" ، إجابة مبهة تصف حالة الضبابية التي تحيط بمجلس النواب ، المجلس الذي عرف في الأسبوع الاخيرة حالة من التشنج و الاحتقان وصلت حدّ التشابك بالأيادي بين السادة النواب ، و تبادل التهم و القذف ،حالة التشنج شملت حتى رئيس المجلس محمد الناصر ، الذي عقد جلسة عامة غير "قانونية "، يوم الاثنين 26مارس، للتصويت على قرار التمديد للهيئة ، جلسة شملت فقط كتلة نداء تونس التي صوتت بالاجماع على عدم التمديد لهيئة الحقيقة و الكرامة لسنة خامسة. و لئن اتجه نواب كتلة نداء تونس و كتلة مشروع تونس الى الاحتفال على إثر التصويت بفوزهم على "مسار العدالة الانتقالية "، إلا ان بقية الكتل ( الكتلة الديمقراطية ، كتلة النهضة و الجبهة الشعبية) أكدوا على عدم قانونية هذا القرار ، باعتبار الجلسة العامة التي عقدت يوم الاثنين في وقت متأخر من الليل لم تحترم نصاب الحضور و الذي يستوجب حضور (73) نائب للتصويت على القوانين العادية و (109) نائب للتصويت على القرارات المهمة ، فيما خيرت هيئة الحقيقة و الكرامة و رئيستها بن سدرين عدم الالتفات لقرار مجلس النواب لتعلن خلال ندوة صحفية نظمتها الهيئة يوم الاربعاء 28 مارس، ان الهيئة ستواصل مسارها وفق القانون . وأعلنت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين خلال مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء 28 مارس 2018 أن الهيئة ستستكمل المسار وفق القانون الأساسي للعدالة الانتقالية. واتهمت بن سدرين من يريدون الرجوع بالبلاد إلى مربع الاستبداد بمحاولة إجهاض عمل الهيئة متسائلة عن بديلهم عن ذلك حسب تعبيرها. وأكّدت بن سدرين أن هيئة الحقيقة والكرامة استمعت إلى قرابة 50 ألف ضحية انتهاكات في سابقة من نوعها في العالم وذلك ردا على الانتقادات التي طالت عمل الهيئة. وشددت على أن دور الهيئة ليس حفظ الأرشيف أو التأريخ تعليقا على من قالت إنهم يريدون تلقين دروس للهيئة في علاقة بالمسح الذي أجرته للخارطة الأرشيفية الداخلية والخارجية . وفي سياق متصل كشفت بن سدرين عن انه سيتم قريبا إحالة عشرات الأشخاص ممن نسبت إليهم انتهاكات ورفضوا الاعتذار على القضاء وعن انه تمت في هذا الصدد مطلع الشهر الجاري إحالة 14 شخصا من قابس على الدوائر القضائية المتخصصة. يذكر أنه تمّ في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين 26 مارس و بعد مغادرة اغلب نواب البرلمان من الجلسة العامة ، التصويت ضدّ قرار التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، حيث صوت 65 نائبا من كتلة نداء تونس ضد قرار التمديد واحتفظ نائبان بصوتيهما، في حين لم يصوت أي نائب لصالح التمديد في مدة عمل الهيئة. التصويت ضد قرار التمديد في عهد هيئة الحقيقة و الكرامة ، اعتبره سياسيون تعدّ واضح و صريح على مقتضيات النظام الداخلي للمجلس نظرا لعدم توفر نصاب الحضور (تصويت67 نائبا فقط ) فيما أكد نائب عن البرلمان أن التصويت في "حكم المعدوم". و في تدوينة نشرها المقرر العام للدستور و النائب عن كتلة النهضة حبيب خضر ، جاء ما يلي: عند مناقشة الموضوع في مكتب المجلس تم لفت الانتباه الى أن ذلك مخالف لمقتضيات القانون ولكن تم "المرور بقوة" مما استدعى لاحقا انسحاب ممثلي كتلة النهضة من اجتماع المكتب. انعقدت الجلسة العامة يوم السبت 24 وعند الافتتاح الاول لم يتوفر النصاب (109) فتم الانتظار وعند الافتتاح الثاني كان عدد الحاضرين المسجلين أيضا أقل من النصاب الثاني (73) وهو ما يعني عدم المواصلة عملا بالفصل 109 من النظام الداخلي للمجلس ولكن رئيس المجلس قرر التغاضي عن ذلك ومواصلة الجلسة. يوم الاثنين 26 واصل رئيس المجلس الجلسة دون تسجيل جديد للحضور وهو ما يعني أن الخلل المسجل بجلسة السبت انسحب على جلسة الاثنين. لأن عملية التصويت لا أساس لها في القانون فقد كان تحديد الأغلبية المطلوبة وصيغة السؤال محل خلاف. وقد اختار رئيس المجلس أن يكون التصويت على المرافقة على التمديد وهو ما يعني أن أصحاب رأي المرافقة مطالبون بالحرص على بلوغ 109 صوتا. لكن الخلل الذي لم يتحسب له رئيس المجلس هو أنه لا معنى لتصويت لا يشارك فيه أصلا إلا أقل من العدد الأدنى الكافي لاتخاذ القرار. لقد حصل سابقا في المجلس أكثر من مرة اعتبار التصويت الذي يشارك فيه أقل من 73 في قانون عادي أو أقل من 109 في قانون أساسي كأن لم يكن. وفي صورة الحال لم يشارك في التصويت الا 65 أي أقل من نصاب الحضور وأقل من الأغلبية المطلوبة وهو ما يجعل هذا التصويت في حكم المعدوم أي أن المجلس لم يقرر شيئا بشأن موضوع التمديد.