لم يمرّ وقت طويل ، ليدرك جميع الفاعلين السياسيين في تونس أن موعد رحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، قد شارف على المجيء ، إذ تدلّ كافة المؤشرات أن هناك ما "يطبخ" في الكواليس لتمهيد الطريق لرحيل يوسف الشاهد ، منها ما نقلته تصريحات أعضاء اللجنة المنبثقة عن وثيقة قرطاج و التي تعدّ خارطة طريق للحكومة التي ستخلف حكومة الشاهد و منها ما نقلته وسائل الاعلام عن قيادات اتحاد الشغل الذين اعلنوا أن الشاهد انتهى سياسيا ! حكومة جديدة ! كثيرةٌ هي الأوساط التي تتحدّثُ عن حكومة جديدة ، بعد سبع حكومات متعاقبة على تونس بعد الثورة ، و لعلّ ابرز المؤشرات تلك التي نقلت على لسان رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجريبي ، الّتي أكدت ان "لجنة قرطاج" تعمل على صياغة خارطة طريق لحكومة الشاهد أو لحكومة جديدة يتمّ تكوينها لاحقًا . وأكدت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي في تصريح للشاهد، أنه تم الاتفاق خلال اجتماع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج اليوم ، على ضرورة مراجعة النظام السياسي والانتخابي، لأن الأطراف المشاركة رأت أن جزءا كبيرا من الأزمة التي تعيشها تونس مردّها عدم وضوح النظام حسب تعبيرها. وأضافت الجريبي أنه تم الاتفاق أيضًا على تكوين لجنة تضم أطرافا من مختلف الهياكل المكونة للاتفاق، لتحديد أولويات المرحلة القادمة، وصياغة خارطة طريق لحكومة الشاهد إذا واصلت عملها، أو لحكومة جديدة يتم تكوينها لاحقا، وللنظر في مختلف المقترحات التي قدمها المشاركون. حفيّظ حفيّظ ل"الشاهد": "تغيير الحكومة من أولويات اتحاد الشغل" يتحدّث الكثيرون عن الدور الذي اضطلع به اتحاد الشغل بعد الثورة ، حيث تبنّى الأخير مهمات محوية تتجاوز العمل النقابي بأشواط ، لتنخرط اكبر منظمة شغيلة في تونس في دور أكبر يتمثل في الإطاحة بالحكومات و تعيين أخرى، حيث بدى بقاء الحكومة منوط بشكل كبير بمدى استجابتها و تعاملها مع هذه المنظمة "العريقة" و "المخيفة" و أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي الشغل المكلف بالوظيفة العمومية حفيظ حفيظ في تصريح ل"الشاهد"، أنه لا مجال للتراجع عن مطلب الاتحاد بإجراء تحوير وزاري، يشمل على الأقل الوزارات التي قالوا عنها سابقا معطلة ولم تحقق تقدما منذ تولاها الفريق الحكومي الحالي، مشددا على أن تعديل الحكومة أولوية بالنسبة لاتحاد الشغل خلال الفترة القادمة. وكان الامين العام المساعد للاتحاد عبد الكريم جراد قد أكد في تصريح سابق ل"الشاهد"، أن الاتحاد له احترازات على أداء عدد من الوزارات، على غرار وزارة تكنولوجيات الاتصال التي يتولاها أنور المعروف، ووزارة التنمية والتعاون الدولي والتي يتولاها زياد العذاري، فضلا عن وزارة التجارة التي قال أن أداءها دون المطلوب والتي يتولاها عمر الباهي. وبلغ الصراعُ بين الحكومة و اتّحاد الشغل أشدّه بعد أن تواترت التصريحات والتصريحات المضادّة وتكثّف الشدّ والجذب بين الطرفين، في ظل التهديدات بينهما، وهي سابقة من شأنها أن تُحرج اتحاد الشغل الذي ابتعد بتصريحات قياداته التصعيدية عن البعد النقابي. و يرى ملاحظون ان اتحاد الشغل بعد الثورة ليس هو نفسه اتحاد ما قبلها، اذ أنّ صورة العمل النقابي تكاد تفقد صفاتها المعهودة وطغى عليها السياسي في الكثير من الأحوال، و شكلت التصريحات المتتالية لقيادات الاتحاد اعلان حرب غير محسوبة العواقب على الحكومة ، حرب مستعرة لعبت فيها بعض الشخصيات النقابية دورا تصعيديا. يوسف الشاهد : "لن أكون شاهد زور" تزامنًا مع الحملة اللامسبوقة و التصريحات النارية التي شُنّت تباعًا على رئيس الحكومة يوسف الشاهد ، لم يُفوّت الأخير الفرصة للردّ على خصومه ، حيث قال صراحة إنه لن يكون "شاهد زور"، وإنه سيمضي في إصلاحاته، حتى ولو كان ثمن ذلك التضحية بمنصبه السياسي، بل اتهم خصومه الذين يحرصون على إقالته على أن بعضا منهم إما أنهم يحنّون إلى زمن الدكتاتورية، أو أنهم عدميون يصرّون على تأجيل الإصلاحات المؤلمة التي تقتضيها وضعية البلاد. و بدى من نبرة خطاب يوسف الشاهد ، أنّ الأخير استشعر بداية رحيله ، فانطلق في إعداد البراهين التي قد تثبت جدية عمل حكومته، من ذلك اعداد خريطة الطريق التي تم بلورتها إلى وثائق رسمية التي وزعت على كافة أعضاء مجلس النواب ، يوم 23 مارس، و التي تتضمن برنامج عمل الحكومة.