تتواتر بين الفينة و الأخرى أنباء تكشف تعرّض عديد الأطفال إلى شتى أنواع العنف و الجرائم البشعة و الاعتداءات الجنسية و تكرر هذه الظاهرة بصفة جدّ ملفتة و مثيرة للرّيبة في تونس خاصة و أن الاحصائيات الرسمية تكشف أرقام مهولة و مفزعة لانتشار هذه الحوادث كما النار في الهشيم .. وقد عاد الحديث عن هذه الظاهرة الى الواجهة، بعد الجدل كبير الذي ضجّ على منصات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام عقب تداول الفيديو الذي يوثّق تعنيف "جدّة" لحفيدها بشتى أساليب "التعذيب" الأمر الذي خلق ضجة عارمة . و ذُهل رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، بمقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم ، يُظهر جدّة وهي تعنف حفيدها بطريقة وحشية، وبعد أن تم إيقافها من السلطات الأمنية والقضائية، تم إطلاق سراحها، وهو ما أثار غضبا واستنكارا كبيرين في صفوف التونسيين. وعبّر العديد من النشطاء والمتابعين عن صدمتهم من تداول مقطع فيديو في الجرائد الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر جدة تعذب طفلاً لا يتجاوز سبع سنوات بطريقة وحشية. وكشف الفيديو قيام الجدة بضرب حفيدها بقسوة في كامل أنحاء جسده وتجريده من ثيابه وهو يصرخ ويبكي أثناء كيّه بسكين ساخن وحرقه في أماكن حساسة بشكل وحشي. وتمكّن شقيق الضحية (12 سنة) من التقاط الفيديو في غفلة من جدته وسارع بإرساله إلى والدته المنفصلة عن أبيه، التي نشرته على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ليرافقه تنديد غير مسبوق بما قامت به الجدة. وعبّر عدد من المواطنين عن غضبهم واستيائهم من هذه المعاملة السيئة التي تصل إلى حد التعذيب الجسدي لطفل بريء. وأثار الفيديو موجة استنكار في تونس، حيث دونت المخرجة إيمان بن حسين على حسابها في موقع "فيسبوك": "تابعت ما حدث إثر نشر فيديو تعنيف الجدة لحفيدها والإجراءات والتبعات التي حدثت بعد ذلك وأدين بشدة هذا الفعل الشنيع من قبل هذه الجدة ومع كل عقاب قانوني لها. لكن سؤالي هنا اين كان مندوب الطفولة عندما تمت التجارب على أطفال سيدي بوزيد وهي أخطر بكثير مما صدر عن الجدة؟ لماذا لم يحرك ساكنا رغم أنه على علم بكل ما حدث؟ ام يختلف الأمر عندما يصبح المجرم أسيادنا أمريكا وإسرائيل ونصبح نحن حينها صم بكم؟". وبعد تقديم الأم شكايةً قضائية لدى السلطات الأمنية في ولاية صفاقس، تولّت النيابة العمومية دعوة الفرق المختصة، وأشعرت مندوبة الطفولة بالجهة، ليتم إلقاء القبض على الجدة وإيقافها وتوجيه تهم التعذيب والاعتداء على الطفل الذي كان في حضانتها. وأذنت النيابة العمومية بفتح تحقيق قضائي وعرض الطفل على الطب الشرعي، في حين تولى مندوب الطفولة التكفل بالطفلين، الضحية وشقيقه. و في هذا الصدد، أكدت وزارة المرأة والطفولة ، في بيان لها، ان النيابة العمومية أذنت بإيقاف الجدة على إثر فتح بحث أمني في الغرض، وتمّت إحالتها إلى قاضي التحقيق، وهي الآن محل تعهّد قضائي لما نُسب إليها في هذه القضية. وأضافت أن مندوب حماية الطفولة قام بإعلام قاضي الأسرة في الجهة ضمن مراسلة مرفقة بالفيديو الذي يوثق الاعتداء المسلط على الطفل، وإحالة الطفل الضحية إلى قسم الطب النفسي في المستشفى الجامعي الهادي شاكر في صفاقس لإجراء المتابعة النفسية لوضعيته، إلى جانب مراسلة مركز الدفاع والإدماج الاجتماعي في صفاقس للقيام بالمرافقة الاجتماعية والتربوية اللازمة. وحول وضعية الطفل الحالية، أفادت الوزارة بأنّها محل متابعة وتعهّد من قبل مصالح مندوب حماية الطفولة في الجهة، إلى حين زوال حالة التهديد على الطفل خدمة لمصلحته الفضلى. وفي تعليقها على ذلك، قالت رئيسة لجنة شؤون الطفولة والأسرة والمرأة في مجلس نواب الشعب، سماح دمق، إن هذا الحادث شاذ ولا يقاس عليه. ولفت دمق إلى أن تونس قطعت مع مثل هذه الممارسات المشينة وبلغت درجة متقدمة في مجالات حماية الطفولة وتحقيق مكاسب رائدة لفائدة هذه الفئة الهشة مضمنة في الدستور 2014 وفي مجلة حماية الطفولة. وأضافت دمق، في تصريح للعربي الجديد، أن هذه الحادثة محل متابعة من قبل لجنة الطفولة والمرأة في البرلمان، وسيتم الاتصال بالوزارة والجهات المعنية.