أسطول الصمود يرفض إنزال المساعدات في قبرص ويتمسك بكسر الحصار على غزة    طقس الليلة.. أمطار رعدية وأحيانا غزيرة بهذه المناطق    الرابطة 2 : تعيينات حكام الجولة الثانية    هيئة السلامة الصحية تحجز أكثر من 3 أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بخمس ولايات    بوعرقوب.. تواصل احتجاجات عمّال مصنع الورق ببلي بسبب تكرر حوادث الشغل    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية: تونس تشارك في الصالون الدولي للمنتوجات الطبيعية البيولوجية بألمانيا من 10 إلى 13 فيفري 2026    النجم الساحلي: تأجيل الجلسة العامة العادية الى موعد لاحق    رئيس البرازيل يحيى نظيره الكولومبي ب قبلة على الجبين...شنوا الحكاية ؟    أغلى فنجان قهوة في العالم يتباع في هذه الدولة العربية بأكثر من زوز ملاين    منوبة: انطلاق خدمات المطعم بمركز التدريب المهني بالبطان    عاجل: سامي الفهري يُعلن عن مسلسل رمضان    أضرار غير متوقعة لمعطرات الجو ...رد بالك منها    مجموعة توحيدة بالشيخ تدعو إلى التعامل مع الإجهاض ووسائل منع الحمل كحق أساسي بغض النظر عن نسب الخصوبة المنخفضة    النادي الصفاقسي: الإدارة تمدد عقد أيمن دحمان .. وهذا موعد إلتحاق حمزة المثلوثي بالمجموعة    قضية حاوية المخدرات بميناء رادس..الاحتفاظ ب 3 اشخاص بينهم وكيل شركة وموظف ديواني    معرض اوساكا 2025.. اكثر من نصف مليون زائر ياباني للجناح التونسي    خبير في المناخ .. 60 % من جزيرة قرقنة مهدد بالزوال    هاشمي الوزير.. يجب تطوير لقاحات مضادة للأمراض المستجدة الناتجة عن التغيرات المناخية    ساركوزي يعلق على حكم السجن الصادر بحقه..    بشرى سارة: اجتماع لبحث حلول التلوث في قابس وتحسين البيئة..تفاصيل !    شنية حكاية المنصة الرقمية الجديدة اللي باش تنظّم العلاج في تونس؟    عاجل : إنجاز تاريخي للتجديف النسائي التونسي في بطولة العالم للتجديف الصين 2025    الرابطة الثانية: تعديل في برنامج مواجهات الجولة الثانية ذهابا    بطولة كرة السلة: تعيينات منافسات الجولة الافتتاحية من البطولة    قصر المعارض بالكرم يحتضن لاول مرة في تونس مهرجان الرياضة 2025 من 6 الى 9 نوفمبر المقبل    إصابات بالجملة في مباراة الاتحاد المنستيري والبنزرتي: شنوا صار ؟    تونس وإستونيا تعززان شراكتهما في التعليم والاقتصاد خلال لقاء نيويورك    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق صخر الماطر في هذه القضية..    الحماية المدنية: 484 تدخلا خلال ال 24 ساعة الماضية    اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزّة تكشف عن انطلاق أسطول جديد من إيطاليا بعد غد السبت    4 سنوات سجنا لقابض بوزارة بتهمة الاستيلاء على أموال عمومية    تركيا تكشف تفاصيل الأنشطة التي تجريها في البحر المتوسط بالتعاون مع مصر وليبيا..#خبر_عاجل    الدورة ال20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني تحت شعار 'الحق في المستقبل' من 15 الى 19 اكتوبر 2025    عاجل: 13 ولاية تونسية ستنضمّ إلى برنامج توزيع الدواجن بأسعار معقولة    المشاركة التونسية في الصالون الدولي للسياحة "Top Résa" ... خيار استراتيجي يعكس رؤية متكاملة لتعزيز مكانة تونس كوجهة سياحية متجددة ومنافسة    الاعلان عن نتائج المناظرة التونسية للمنتجات المحلية يوم 2 ديسمبر المقبل    عاجل/ تقلبات جوية جديدة ستتواصل حتى الأسبوع القادم وستشمل هذه الولايات..    عاجل: إغلاق مطار آلبورغ في الدنمارك وهذا هو السبب    عاجل: الحشرة القرمزية تكبر وتهدد المحاصيل، وعلاجها غامض!    المترولوجيا...علم القياس اللي يحمي المستهلك: وكالة المترولوجيا تطالب بتمويل خريجي الجامعات في هذا المجال    اليوم: تواصل الاضطرابات الجوية والأمطار الغزيرة بهذه المناطق    تعرفش شنيا ما لازمكش تاكل قبل النوم؟    لأول مرة: سر طول عمر أكبر معمّرة في العالم... !    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميله بآلة حادّة في سيدي حسين..    نابل: دار الثقافة محمود المسعدي تازركة تحتضن تظاهرة "عالمنا فن" تحت شعار "إبداع يجمعنا، عنف يفرقنا" يومي 26 و27 سبتمبر الجاري    فرنسا تحذر إيران: أمامكم بضع ساعات للتوصل إلى اتفاق وتجنب العقوبات    رئيس الجمهورية: مشروع قانون المالية يجب أن يعكس الدّور الاجتماعي للدّولة    وزيرة الثقافة تدعو الى إطلاق حملة تنظيف واسعة للمناطق الأثرية تنطلق من تونس الكبرى    فاتحة البقاء    ولدت في تونس وتوفيت في فرنسا...رحيل أيقونة السينما الإيطالية كلاوديا كاردينال    عودة الغائب    يوم الجمعة بالمسرح البلدي بصفاقس...عرض «فيروزياد» تكريما لفيروز وزياد الرحباني    تيك توك يكشف سر قاعدة الأصدقاء السبعة: كيف تبني صداقات متوازنة؟    "حتى التراث من حقّي": تظاهرة ثقافية بمركز تقديم تاريخ ومعالم مدينة تونس    العلماء الروس مستعدون لبدء العلاج بلقاح روسي مضاد للسرطان    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات فارقة في نهضة ماليزيا.. كيف نجا مهاتير من "الفخ"؟
نشر في الشاهد يوم 19 - 05 - 2018

عاد الزعيم الماليزي المخضرم، وصانع نهضة ماليزيا، مهاتير محمد (93 عاما)، إلى السلطة مجددا بعد فوز ائتلافه المعارض في الانتخابات البرلمانية، ليصبح أكبر سياسي منتخب في العالم.
وأدى مهاتير محمد يوم الخميس 10 مايو 2018 اليمين القانونية رئيسا للوزراء، ليتسلم السلطة قبل نحو عامين من انتهاء خطة "2020" التي كان قد وضعها خلال فترة حكمه للبلاد، والتي بموجبها ستصبح ماليزيا بموجبها رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين، واليابان، والهند.
وخلال ال 22 عاما التي تولى فيها مهاتير محمد رئاسة الوزراء (1981- 2003)، نجح في نقل ماليزيا من دولة زراعية "مهملة" تعتمد على زراعة الموز والمطاط إلى مصاف الدول الصناعية المتقدمة، وزاد دخل الفرد السنوي من ألف دولار إلى 16 ألف دولار، وارتفع حجم الاحتياطي النقدي من 3 مليارات دولار إلى 98 مليار دولار، وقفز حجم الصادرات من نحو 15 مليار دولار إلى 200 مليار دولار.
ومرّ مشوار النهضة الماليزية بمحطات فارقة وتحديات صعبة أبرزها نقص الأيدي العاملة والمدربة، وبعض هذه التحديات كانت بمثابة "الفخ" الذي نجا منه مهاتير، عندما رفض أثناء الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 اقتراح من صندوق النقد الدولي بالسماح للشركات المتضررة بإعلان إفلاسها، مقابل حزمة من المساعدات الطارئة، واتبع سياسات معاكسة لتوصيات الصندوق.
ويرى مراقبون أن مشوار النهضة الماليزية لم يبدأ فقط منذ تولى مهاتير محمد رئاسة الوزراء والبدء في تطبيق رؤية اقتصادية لتحقيق نهضة شاملة، مؤكدين أن مهاتير استبق النهضة الاقتصادية بتغييرات ثقافية وفكرية عندما شارك في قيادة حراكا شبابيا وجماهيريا منذ أن أصبح رئيسا لاتحاد الطلاب المسلمين بجامعة سنغافورة قبل تخرجه من كلية الطب عام 1953، وتخصيص نصف وقته لمعالجة الفقراء في عيادته كجراح، وفوزه بعضوية مجلس الشعب عام 1964، ثم انتخابه "سيناتور عام 1970، واختياره وزيرا للتعليم عام 1975، ثم مساعدا لرئيس الوزراء عام 1978، ثم رئيسا للوزراء على مدار خمس فترات انتخابية متتالية منذ عام 1981 وحتى عام 2003، ليصبح صاحب أطول فترة حكم في آسيا.
معضلة الملايو
وقبل توليه السلطة بنحو 11 عاما أصدر مهاتير محمد كتابا عام 1970 باسم "معضلة الملايو"، انتقد فيه بشده شعب الملايو واتهمهم بالكسل والرضا بأن تستمر بلادهم دولة زراعية متخلفة دون محاولة تطويرها، فقرر الحزب الحاكم حينها والذي يحمل اسم "منظمة الملايو القومية المتحدة" منع الكتاب من التداول رسميا نظرا للآراء العنيفة التي تضمنها.
وأتاحت المدة الطويلة التي قضاها الجراح الماليزي في الحكم، الفرصة كاملة ليحول أفكاره إلى واقع، بحيث أصبحت ماليزيا أحد أنجح الاقتصادات في جنوب آسيا والعالم الإسلامي.
بنى مهاتير خطته الأولى لنهضة ماليزيا بالتركيز على ثلاثة محاور بصفة خاصة، وهي: محور التعليم، ويوازيه محور التصنيع، ويأتي في خدمتهما المحور الاجتماعي.
المدارس الذكية
وفي نظام التعليم، جعل مهاتير محمد مرحلة ما قبل المدرسة الابتدائية (الروضة) جزءا من النظام الاتحادي للتعليم، واشترط أن تكون جميع دور الرياض وما قبل المدرسة مسجلة لدى وزارة التربية، وأنشأ الكثير من معاهد التدريب المهني، التي تستوعب طلاب المدارس الثانوية وتؤهلهم لدخول سوق العمل في مجال الهندسة الميكانيكية والكهربائية وتقنية البلاستيك.
كما أنشأت الحكومة الماليزية العديد مما يعرف بالمدارس الذكية التي تتوفر فيها مواد دراسية تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم واستيعاب التقنية الجديدة؛ وذلك من خلال مواد متخصصة عن أنظمة التصنيع المتطورة وشبكات الاتصال ونظم استخدام الطاقة التي لا تحدث تلوثا بالبيئة.
وبلغ إجمالي ما أنفقته الحكومة الماليزية على التعليم في عام 1996 2.9 مليار دولار بنسبة 21.7% من إجمالي حجم الإنفاق الحكومي، وازداد هذا المبلغ إلى 3.7 مليارات دولار عام 2000 بما يعادل نسبة 23.8% من إجمالي النفقات الحكومية.
ثورة صناعية
وصناعيا، قاد مهاتير محمد في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ثورة صناعية بماليزيا تزامنت مع انخفاض أعداد أبناء الصيادين والمزارعين الذين امتهنوا مهنة آبائهم منخفضة الأجر، وأصبح هؤلاء الشباب بعد ذلك هم تروس الاقتصاد الحديث، وهاجروا إلى المدن بمعدلات غير مسبوقة، ونتيجة لهذا انخفض أعداد المواطنين ممن هم تحت خط الفقر من 52% في عام 1970 إلى 5% فقط في عام 2002.
وشجعت حكومة مهاتير محمد الصناعات ذات التقنية العالية وأولتها عناية خاصة، كما عملت على التصنيع في الأسمنت والحديد والصلب، بل وتصنيع السيارة الماليزية الوطنية (بريتون)، ثم التوسع في صناعة النسيج وصناعة الإلكترونيات والتي صارت تساهم بثلثي القيمة المضافة للقطاع الصناعي وتستوعب 40% من العمالة.
وكانت اليابان هي أكبر حلفاء ماليزيا في مشروعها نحو التنمية والتقدم، ولعبت دورا مهما في الثورة الصناعية الماليزية إلى جانب النمور الآسيوية الأربعة (هونج كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان)، وقدمت اليابان لماليزيا رأس المال والتكنولوجيا.
وخلال فترة حكم مهاتير، تم إنشاء أكثر من 15 ألف مشروع صناعي بإجمالي رأس مال وصل إلى 220 مليار دولار، وفرت مليوني فرصة عمل للشعب الماليزي، وشكلت المشروعات الأجنبية حوالي 54% من هذه المشاريع، بينما مثلت المشروعات المحلية 46%.
وفي السبعينيات شهدت ماليزيا أسرع توسع اقتصادي لها، حيث بلغ معدل النمو في ذلك العقد 7.9% سنويا، ولكن خلال الثمانينيات انطلق النمو بطريقة لم يسبق لها مثيل، واستمر الاقتصاد في التوسع بشكل أكبر حتى جاءت الأزمة المالية الآسيوية.
عملية "جوثري"
وفي السابع من سبتمبر/ أيلول عام 1981 قاد مهاتير محمد عملية أطلق عليها "غارة الفجر" سيطرت خلالها الحكومة الماليزية على أسهم شركة المطاط وزيت النخيل البريطانية "جوثري" في بورصة لندن في أقل من أربع ساعات.
وكانت شركة "جوثري" البريطانية تمتلك وحدها 17% من الأراضي الماليزية في ذلك العقد، بينما كانت تسيطر الشركات الأوروبية على 1.2 مليون فدان من 1.4 مليون فدان من مزارع المطاط، هي إجمالي ما كانت تمتلكه البلاد في فترة ما بعد الحرب.
وتسببت هذه المناورة في توتر العلاقات بين ماليزيا وبريطانيا، واليوم أصبحت "جوثري" جزءاً من شركة "سيم داربي" التي استحوذت عليه الحكومة أيضاً في عام 1977.
انهيار "الرينجت"
وفي أواخر التسعينيات، تعرضت دول شرق آسيا لأزمة مالية عاصفة، بسبب تفاقم أزمة الديون الخارجية على الشركات، وتحطمت العملات المحلية في جنوب شرق آسيا، وشهدت العملة الماليزية "الرينجيت" مضاربات واسعة بهدف تخفيض قيمتها، وظهرت عمليات تحويل نقدي واسعة إلى خارج ماليزيا وبالأخص من جانب المستثمرين الأجانب.
وخلال الأزمة المالية الأسيوية انخفض سوق الأسهم الماليزية بنسبة 75%، وهبطت قيمة "الرينجت" بنحو 40% ملامسة أدنى مستوى لها في 24 عاماا، وأنفقت البلاد مليار دولار من احتياطياتها من النقد الأجنبي في محاولة لدعم العملة، وبدا أن النجاح الذي حققه مهاتير محمد على وشك التحول إلى فشل.
ولعب مهاتير دورا بارزا في إدارته للأزمة المالية، وأصدر مجموعة قرارات تهدف إلى فرض قيود على التحويلات النقدية خاصة الحسابات التي يملكها غير المقيمين وفرض أسعار صرف محددة لبعض المعاملات.
سياسات معاكسة
وفي الوقت الذي استجابت فيه الدول الآسيوية المتضررة من الأزمة المالية لتوصيات صندوق النقد الدولي وقامت بتعويم عملاتها المحلية، رفض مهاتير محمد التوصيات، وقام باتباع سياسات معاكسة لتوصيات صندوق النقد الدولي، واعتمد سياسة مالية تقشفية تهدف إلى تعزيز "الرينجت" خرجت منها ماليزيا بأقل الخسائر مقارنة بباقي دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا والفلبين وكوريا الجنوبية.
وساعد في نجاح السياسات المالية التي أصر مهاتير محمد على تنفيذها إبان الأزمة المالية الأسيوية، أن الشركات والبنوك الماليزية لم تكن مثقلة بكم هائل من الديون مثل نظرائها الإندونيسية والتايلاندية، والحكومة الماليزية أيضا لم تهدر أموالها في الاستثمار في المشاريع العقارية مثلما حدث في تايلاند، ودول شرق أسيوية أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.