لا تزال الرؤية ضبابيّة حول مآل حكومة يوسف الشاهد، لا سيّما بعد ترحيل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي المسألة إلى مجلس نواب الشعب للحسم فيها، في ظلّ خلاف بين الموقعين على وثيقة قرطاج حول هذا الشأن ؛ فبينما يصرّ الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة نداء تونس أساسًا و بعض الأطراف الأخرين إبعاده، تتمسك حركة النهضة وأطراف أخرى بضرورة بقاء رئيس الحكومة مع القيام بتعديل وزاري جزئي. و أمام ما تجود به الساحة السياسية من مستجدات اليوم تلو الآخر، طرح خبراء الشأن السياسي جملة من الفرضيات التي من المتوقع ان تفرزها الأيام القليلة القادمة ، لعلّ أسلمها وأخفّها وقعا على السّاحة ؛ بقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة مع إجراء تحوير وزاري جزئي، من أجل الحفاظ على استقرار البلاد خلال المرحلة القادمة إلى غاية انتخابات 2019 . ولعلّ هذه الفرضية تستوجب التفاف الموقعين على وثيقة قرطاج حول الاتفاق على هذا الخيار ، بما معناه تنازل كلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب نداء تونس عن تمسّكهم بإقالة الشاهد وحكومته الحالية. وبقاء الشاهد يعني إلزامه بعدم ترشحه (أو ترشح أي مسؤول متقلد لحقيبة وزارية) للانتخابات التشريعية والرئاسية ل2019 ، وفق ما تقتضيه وثيقة قرطاج2 . أما الفرضية الثانية فتتمثل في استسلام يوسف الشاهد أمام الضغوطات السياسية التي يسلطها عليه حزبه من جهة والمركزية النقابية من جهة أخرى. هذه الفرضية تستوجب تقديم الشاهد طلب استقالته كتابيًا لرئيس الجمهورية، الذي يعين الشخصية الأقدر لتكوين حكومة جديدة. الفرضية الثالثة تتمثل في تقديم ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب ، أي 73 عضوًا، بمقتضى لائحة لوم معلّلة لطلب سحب ثقة من الحكومة، ويتم سحب الثقة بعد موافقة الأغلبية المطلقة ، أي 109 عضوًا. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضي 15 يومًا على إيداعها لدى رئاسة المجلس. و للإشارة ههنا، فإنه ليس من السهل توفير الأغلبية المطلقة لسحب حكومة الشاهد و الحال أن حركة النهضة، أكبر كتلة برلمانية، تتمسك ببقاء يوسف الشاهد. أما الفرضية الرابعة فتتمثل في أن يطلب رئيس الجمهورية من مجلس نواب الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة اعتبرت مستقيلة. اما الفرضية الخامسة فتتمثل في أن يطلب رئيس الحكومة من البرلمان التصويت على منح الثقة لحكومته لمواصلة مهامها من عدمه، وهو نفس المنحى الذي اتبعه رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، حينما طرح على البرلمان التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها، وتم التصويت بالأغلبية المطلقة على سحبها لتُعتبر حكومته مستقيلة. ويفترض هذا السيناريو أن يقدم رئيس الحكومة طلبًا تفصيليًا ومعلّلاً للبرلمان حول أسباب طلبه التصويت على الثقة.