مرت سنة على اعلان رئيس الحكومة يوسف الشاهد الحرب على الفساد والفاسدين، اثر سلسلة الاعتقالات التى انطلقت في 23 ماي 2017 وشملت رجال اعمال ومسؤولين بالديوانة وسياسيين، ووضع البعض تحت الاقامة الجبرية، وتجميد الاموال والأرصدة للبعض الاخر.. ولئن انطلقت الحملة في بادئها بنسق قويّ استحسنه مراقبون ، إلا أن وتيرتها تراجعت مع مرور الوقت، وقد طالت الحملة انتقادات شتى لاسيما فيما يتعلق بالعقوبات المسلطة على المدانين. وفي خضم هذا الشأن، دعا صندوق النقد الدولي البلدان الأعضاء بما فيهم تونس الى توسيع محاربة الفساد في مجالات الادارة المالية العامة والرقابة على القطاع ومكافحة غسل الأموال معتبرا أن أوجه الضعف في الحوكمة مضرة في حد ذاتها و تفتح الباب لاستشراء الفساد. وفي تقرير نُشر بالموقع الالكتروني لصندق النقد الدولي، دعت المدير العام للصندوق كريستين لاغارد الى ضرورة أن تتجاوز الحرب على الفساد القاء القبض على الفاسدين فقط داعية البلدان الأعضاء الى ضبط إصلاحات تنظيمية ومؤسسية أوسع نطاقاً. واعتبرت أن "المؤسسات القوية والشفافة والمسؤولة هي، في نهاية المطاف، "العلاج" الأكثر استمرارية للفساد". كما لاحظت لاغارد أن الفساد غالباً ما يرتبط بسقطات في الحوكمة بوجه عام وكثيراً ما يصعب تقييمه. وأبزرت كريستين لاغارد أن صندوق النقد الدولي سيعمل على وضع منهجية واضحة وشفافة لتقييم طبيعة أوجه الضعف في الحوكمة ودرجة حدتها في البلدان الأعضاء وسينظر في عدة مؤشرات على غرار جودة مؤسسات الميزانية التي تُستخدم في فرض الضرائب والإنفاق؛ وسلامة الرقابة على القطاع المالي؛ ونزاهة البنوك المركزية؛ وشفافية تنظيم السوق وحياديته؛ والوضوح المسبق للجوانب التي تنطوي عليها سيادة القانون وتتطلبها سلامة الاقتصاد، وخاصة إنفاذ العقود؛ وملاءمة الأطر الموضوعة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وستكون الخطوة التالية هي تقييم الأثر الاقتصادي لأوجه الضعف المحددة في مجالي الحوكمة والفساد، وبينت أن الصندوق سيقدم قريبا توصيات جديدة تتعلق بمحاربة الفساد حسب احتياجات كل بلد بعد تقييم أوجه الضعف في الحوكمة. جدير بالذكر أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان قد أعلن ، في 24 ماي 2017 ، عن إطلاق حملة لمكافحة الفساد. وقد أسفرت حملة الحكومة على الفساد إلى حدود مطلع 2018 عن وضع 22 رجل أعمال تحت الإقامة الجبرية وإصدار 11 بطاقة إيداع في السجن من قبل قضاة التحقيق بالقطب الاقتصادي المالي، والإذن بالاحتفاظ بالبقية وفتح تحقيق في شأنهم من أجل ارتكاب جرائم تبييض أموال وجرائم صرفية وديوانية، إضافة إلى بلوغ قيمة الطلبات المالية في مجمل القضايا المرفوعة مبلغ 3600 مليون دينار. وعلى مستوى الإدارة، أدت حملة الحرب على الفساد إلى إيقاف 5 موظفين بوزارة الصحة وكاهية مدير بإحدى الوزارات، و3 مديرين بوزارة التجارة، ومديرين اثنين بوزارة المالية، وموظفين اثنين بوزارة الشؤون المحلية والبيئة، ومدير عام بوزارة، و16 موظفا بوزارة الداخلية.