من الواضح أن نداء تونس بدأ باستيعاب بعض الدروس بعد الضربات الموجعة التي تلقاها الحزب جراء ضعف الصف القيادي وتشتت كتلته النيابية وانشقاق مؤسسيه عنه. فبعد المحاولات الفاشلة للمكتب التنفيذي الحالي لنداء تونس للاطاحة برئيس الحكومة و حكومته, يعمل نداء تونس اليوم على تجميع الصفوف و الشقوق رغم التناقض الواضح وصراع المصالح الذي وصل ذروته. أعلن نداء تونس منذ أيام عن بدء المشاورات والاجتماعات مع الأطراف المنشقة عن الحزب, ونشرت صورة في الغرض ظهر فيها حافظ قائد السبسي في اجتماع مع الطاهر بن حسين ورضا بلحاج ، أنيس غديرة ، سمير العبيدي و رفيق بوجدارية. ثم صرح محسن مرزوق عن استعداده للجلوس مع حافظ السبسي للتشاور حول تكوين جبهة سياسية قوية. مضت المبادرة قدما وبدأت ملامح الجبهة السياسية تتشكل بعداعلان حركة نداء تونس وحركة مشروع تونس، عن الاتفاق على العمل على تكوين كتلة برلمانية موحّدة، لتكون الكتلة النيابية الأولى في مجلس النواب قبل حركة النهضة. وأكّد الحزبان في بيان مشترك، أن الكتلة ستكون "صمام أمان للعملية السياسية و قوة اقتراح تتصدى لكل محاولات التوظيف السياسي للمسار التشريعي". كما أشار الحزبان إلى أنّ هذه المبادرة تبقى "مفتوحة أمام كل الأطراف النيابية الأخرى لخلق أغلبية برلمانية تدفع نحو الرفع من مردودية المؤسسة التشريعية و مزيد تفعيل دور السلطة التنفيذية". وبين الطرفان أنّ الكتلة النيابية تهدف الى سد الشغور ثم انتخاب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات, وتنقيح القانون الانتخابي, المصادقة على قانون مالية يكون قاطرة فعلية لحلحلة الوضع الاقتصادي و الاجتماعي. وبخصوص ما يتعلق بامكانية أن يقود يوسف الشاهد الحركة الديمقراطية في المرحلة المقبلة، قال مرزوق "إن حركته منفتحة على الجميع، ولكن على الشاهد أن يقدم بديلا سياسيا وأن ينطلق من قاعدة الحركة الديمقراطية والعصرية". محسن مرزوق انشق عن نداء تونس بسبب دكتاتورية حافظ قائد السبسي حسب تعبيره, وقد صرح رضا بالحاج مرارا و تكرارا أن حافظ قائد السبسي يمثل خطرا على الحزب و البلاد, فجأة تحول خصم البارحة و سبب العلة و الانشقاق الى صديق وحليف و مجمع للصفوف؟ ان مادفع حافظ السبسي الى الارتماء في حضن مرزوق و بالحاج و غيرهم ليس مصلحة الحزب و البلاد, يبدو أن هزيمته في حربه الأخيرة تحت قبة البرلمان, اثر منح الثقة لوزير الداخلية, أوجعته لدرجة تفضيل العمل مع خصومه لعله يجد سبيلا للاطاحة بخصمه الأكبر. ماهو مؤكد أن الانعكاسات على نداء تونس بعد عودة الشقوق ستكون أكثر سلبية بعد أول خلاف داخلي في المستقبل, لإن وصل الصراع الأخير حد التعنيف الجسدي في حاثة "الهراوات" الشهيرة, فإن الانسجام الظاهر ليس الا ذر رماد على العيون.