رغم أن العطلة الصيفيّة لم تخلو من الأخبار والأحداث السياسية البارزة في تونس إلاّ أنّها تنتهي هذه الأيام على وقع مؤشرات بدت واضحة للعموم عن سنة سياسية جديدة ستكون ساخنة جدّا خاصّة في ظلّ الهاجس الإنتخابي المسيطر على كلّ الفاعلين قبل إستحقاقين إنتخابيين منتظرين في سنة 2019 القادمة. رئيس الحكومة يوسف الشاهد إستبق إنطلاق السنة السياسية الجديدة بحملة إقالات شملت وزير الطاقة والمناجم وكاتب الدولة لدى نفس الوزير بالإضافة إلى ثلاث مسؤولين في نفس الوزارة في حركة يقول البعض أنها أنها جولة جديدة من الحرب على الفساد التي أعلنها رئيس الحكومة قبل أكثر من سنة في الوقت الذي ترى فيه أطراف أخرى أنها تصفية حسابات سياسيّة. حملة الإقالات صلب وزارة الطاقة ليست المؤشر الوحيد على سنة سياسية ساخنة تنتظر التونسيين فالصراع بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزبه نداء تونس مازال متواصلا وقد يأخذ منحى آخر مع إصرار الشاهد على عدم الإلتزام بعدم الترشح للرئاسيات المقبلة بالتزامن مع إنطلاق حملة ترشيح وتأييد له على شبكات التواصل الإجتماعيفي الوقت الذي أصدر فيه النداء بلاغا طالب فيه رئيس البلاد الباجي قائدالسبسي بدعوة الأطراف المشاركة في وثيقة قرطاج 2 لحسم المسألة وإقالة الشاهد. إضافة إلى المؤشرين الواردين أعلاه يوجد مؤشر سياسي ثالث على أن السنة السياسية ستكون ساخنة وهو نتائج الإنتخابات البلديّة التي جرت في البلاد يوم 6 ماي الفارط والتي فازت فيها حركة النهضة بالأكثرية النسبية، إنتخابات شهدت هزيمة مدوية لأغلب الجبهات والتكتلات والعائلات السياسية خارج دائرة التوافق رغم التراجع الواضح لنداء تونس هو الآخر، البلديّات أفرزت كذلك عودة رضا بالحاج ومحسن مرزوق إلى سفينة نداء تونس مقابل إندثار بعض الأحزاب الأخرىعلىغرار حزب البديل وآفاق تونس وغيرها. بالإضافة إلى المؤشرات السياسية توجد مؤشرات إقتصاديّة وإجتماعيّة على أن السنة السياسية المقبلة ستكون ساخنة فخلال أسابيع قليلة يطرح رئيس الحكومة مشروع قانون المالية الجديدة للنقاش أمام مجلس نواب الشعب في ظلّ عدم تحقيق الكثير من الوعود السابقة وخاصة في ظلّ إستمرار الأزمة الإقتصاديّة الخانقة رغم الإنتعاشة التي شهدها قطاعي السياحة وإنتاج الفسفاط هذه السنة. ما تسرّب من أخبار على شبكة رويترز الدوليّة بشأن وجود خلافات بين تونس بعثة صندوق النقد الدولي حول شروط تسريح قسط جديد من قرض مبرم سابقا بين الصندوق وتونس من شأنه أيضا أن يزيد من التوتر في البلاد خاصّة في ظلّ تواصل تدحرج الدينار وتدهور المقدرة الشرائيّة وعلى وجه الخصوص تعطّل "الإصلاحات الكبرى". إلى جانب كلّ ذلك أعاد تقرير لجنة الحريات الفرديّة والمساوات الصادر منذ أسابيع في تونس الإستقطاب الثنائي للساحة السياسية بعد أن قطع معه الفرقاء وجلسوا لطاولة الحوار التي أفرزت التوافق نهاية سنة 2013 ،عودة التوتر الإيديولوجي لغايات إنتخابية أو لغايات سياسية أخرى ليس سوى صبا للزيت على النار في مرحلة حساسة تمر بها تونس.