“صحّة ليهم أعطاهم الوقت” هكذا ختم محسن مرزوق حديثه في إذاعة موزاييك في إشارة للدور الذي تلعبه حركة النّهضة في علاقة بالتّجاذبات التي يعيش على وقعها نداء تونس. والذي تجتمع هيئته السّياسيّة مساء اليوم للنظر في عدم تجاوب رئيس الحكومة مع الإستجواب المرسل إليه من حزبه. عبّر محسن مرزوق في حديثه، عن تشتّت العائلة الوطنيّة وإنشقاقها عن بعضها البعض، بسبب سياسة فرّق تسدّ، التي تنتهجها حركة النّهضة، والتي من أبرز ملامحها دعم المسار الحكومي الحالي، وتقوية يوسف الشّاهد بشكل أو بآخر، مما أنتج خللا في موازين القوى بينه وبين مؤسّسات حزبه، على رئيسها المكتب التنفيذي. حركة النّهضة تعتبر الطّرف الأقوى والفاعل الأساسي، والداّعم لإستمرار الإستقرار ودفع المسار الحكومي نحو تحسين وضع البلاد. وقد عبّرت منذ البداية عن موقفها من رئيس الحكومة وطالبته بالإستقالة في حال توفّرت نيّة التّرشّح للإنتخابات الرئاسيّة 2019، ودعت كلّ الأطراف السياسيّة إلى ترك التجاذبات جانبا للنّهوض بالوضع الإقتصادي والإجتماعي للبلاد. في المقابل، نداء تونس أسرع نحو زاوية التّشاحن والتّصعيد والتّهديد، للضغط على يوسف الشّاهد لتقديم إستقالته كما فعلت وإستجاب من قبله الحبيب الصّيد. فتصاعد نسق الأحداث لنشهد خلال أسبوع واحد، ولادة وإجهاض. إجهاض الجبهة السياسيّة والكتلة البرلمانيّة بالتّحالف بين النّداء ومحسن مرزوق ورضاء بالحاج، وولادة ناجحة لكتلة الإئتلاف الوطني بقيادة الإتحاد الوطني الحر إضافة إلى المستقيلين من كتلة الحرّة ونداء السّبسي الإبن، والتي أربكت المشهد والتّحالفات، ودفعت حافظ السبسي إلى التراجع لترتيب أوراقه. يوسف الشّاهد ليس الأقوى، لكنّه يعرف واقع النّداء، ومن موقعه كرئيس حكومة يدرك جيّدا حقيقة موازين القوى، فرغم قربه من رئيس الجمهوريّة تجرّء ودفع نجله إلى زاوية الدّفاع والتّراجع عن قرار الطرد وإتهامات التجسس والتخوين. في الواقع، يبدو تجاهل الشاهد لمراسلة النّداء والأسئلة المطروحة في المراسلة خير دليل على عدم حاجته في المستقبل لحاظنته الأولى، وبذلك فإنّ قرار الطّرد الذي يلوّح به السبسي الإبن لم يربكه ولا يشكّل وسيلة ضغط. في النّهاية، يبدو أنّ حركة النّهضة ركّزت أولويّاتها جيدا، البلاد، المصلحة العامّة والنّهوض بالإقتصاد ثمّ التفكير في المحطّة الإنتخابيّة القادمة، ويبدو أن رئيس الحكومة بنى أولويّاته بطريقة مماثلة، البلاد والتّحديات ثمّ طموحاته، وعلى المكوّنات السياسيّة الأخرى أن تتفق حول أولويّات إهتمامها وفعلها لتكثيف الجهود نحو تحسين الواقع.