يمرّ نداء تونس بأزمة خانقة بالتّزامن مع إعادة تشكيل المشهد السّياسي والكتل النّيابيّة قبل إفتتاح الدورة البرلمانيّة الأخيرة, قبل إنتخابات 2019, وما يزيد الوضع تأزّما, فوضى التّصريحات المتضاربة بين قيادات الحزب والتي تظهر عدم وجود خطّ سياسي واضح للنّداء, ولعلّ أكثر التصريحات غرابة هو إتّهام حركة النّهضة أنّها سبب إنقسامات النّدائيّين ووراء حملة الإستقالات الأخيرة. هذا وقد كشف خالد شوكات, القيادي في حركة نداء تونس, أنّ ”تجاهل رئيس الحكومة لمطالب رئيس الجمهورية هو هروب إلى الأمام ومقامرة بالمشروع الديمقراطي”, معتبرا أنّ “سلوك حركة النّهضة ضرب العهود والمواثيق السياسية من خلال تشجيعها العصيان داخل الأحزاب”. كما إعتبر أن “التوريث في الرئاسة التونسية هو خرافة لأن المنصب مرتبط بالإرادة الشعبية”, مؤكداً أنه “لا مجال للشراكة بين نداء تونس والنهضة في الانتخابات المقبلة”, وأوضح خالد شوكات أنّ الأزمات هي مسؤولية الحكومة لا الأحزاب السياسية, لافتا إلى أنه ”حين طالب نداء تونس بالتغيير أصرّت النهضة على الاستقرار”. تصريح خالد شوكات وإتّهامه لحركة النّهضة ب”دعم العصيان داخل نداء تونس” على حدّ قوله, ليس بدعة سياسيّة, فمديره التنفيذي, السبسي الإبن عوّدنا بالإسراع في كلّ مرّة يفشل فيها, نحو إتّهام حركة النّهضة بالوقوف وراء فشله وأنّ مؤامرة تحاك ضدّه من طرف قياديي النّهضة. إتّهام صار عاديّا ومنتظرا من نداء تونس في كلّ مرّة يخسر فيها الحزب جزء من وزنه السياسي. حركة النّهضة تعتبر الطّرف الأقوى والفاعل الأساسي, والداّعم لإستمرار الإستقرار ودفع المسار الحكومي نحو تحسين وضع البلاد. وقد عبّرت منذ البداية, عن موقفها من رئيس الحكومة وطالبته بالإستقالة, في حال توفّرت نيّة التّرشّح للإنتخابات الرئاسيّة 2019, ودعت كلّ الأطراف السياسيّة إلى ترك التجاذبات جانبا للنّهوض بالوضع الإقتصادي والإجتماعي للبلاد. في المقابل, نداء تونس أسرع نحو زاوية التّشاحن والتّصعيد والتّهديد, للضغط على يوسف الشّاهد لتقديم إستقالته كما فعلت وإستجاب من قبله الحبيب الصّيد. فتصاعد نسق الأحداث لنشهد خلال أسبوع واحد, ولادة وإجهاض. إجهاض الجبهة السياسيّة والكتلة البرلمانيّة بالتّحالف بين النّداء ومحسن مرزوق ورضا بالحاج, وولادة ناجحة لكتلة الإئتلاف الوطني بقيادة الإتحاد الوطني الحر إضافة إلى المستقيلين من كتلة الحرّة ونداء السّبسي الإبن, والتي أربكت المشهد والتّحالفات ودفعت حافظ السبسي إلى التراجع لترتيب أوراقه. يوسف الشّاهد ليس الأقوى, لكنّه يعرف واقع النّداء, ومن موقعه كرئيس حكومة يدرك جيّدا حقيقة موازين القوى, و قربه من رئيس الجمهوريّة تلم يمنعه من دفع نجله إلى الزّاوية.