يُعيب الكثيرون على الاتحاد التونسي للشغل تعامله “السلبي” مع الحكومة حتى ان كلفه ذلك التضحية بالمصلحة العامة للبلاد ، و باتت اكبر منظمة نقابية في تونس تعتمد في معاملتها مع حكومة الشاهد سياسة المعارضة لأجل المعارضة ، و رفع “اللاءات” الكثيرة رغم ما تقتضيه الحاجة من تكاتف و تعاضد جميع الأطراف على اختلافاتهم ، استجابة لما يتطلبه الظرف الحساس التي تمرّ به البلاد. ويطالب البعض الاتحاد العام التونسي للشغل على إمضاء هدنة اجتماعية مع الحكومة، يلتزم بمقتضاها بالكفّ على المطالبة والإضراب، حتى تستعيد خلالها البلاد عافيتها وتعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران. وكانت الهيئة الإدارية للاتحاد قررت في نهاية سبتمبر الماضي الدخول في إضراب في القطاع العام يوم 24 أكتوبر 2018 لكنها تراجعت عن هذا الاضراب إثر اجتماعها مع الطرف الحكومي الأحد الماضي بعد اقرار اتفاق يقتضي زيادات في أجور موظفي القطاع العام لسنوات 2017 و2018 و2019 والتزام الحكومة بمراقبة الأسعار عبر التحكم في مسالك التوزيع. كما ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة واتحاد الشغل (أ في ساعة متأخرة من مساء السبت، على التزام الحكومة بعدم التفويت في المؤسسات العمومية ودراسة وضعياتها حالة بحالة بالشراكة مع الاتحاد العام التونسي للشغل. ويرى المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أن الاتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل يعتبر انتصارا لتونس وللانتقال الديمقراطي مؤكّدا انه ليس انتصار لطرف دون آخر بل هو انتصار للطرفين. وأضاف الحناشي في تصريح ل”الشاهد” أنّ الاتفاق حصل بعد مفاوضات شاقة وعسيرة وأنّه من حق الاتحاد المطالبة برفع الأجور في ظلّ غلاء المعيشة مستبعدا في الآن ذاته تنفيذ إضراب في الوظيفة العمومية يوم 22 جانفي القادم. وقال الحناشي إنّ الاتفاق يؤكّد عقلانية الحكومة والاتحاد في المفاوضات وأن الطرفين غلّبا مصلحة الوطن. وبيّن الحناشي أنّه مازال شهر كامل من المفاوضات بين الاتحاد والحكومة وفي الأخيرة سيتفقان ويتم إلغاء هذا الإضراب موضحا أن الاتحاد خاض مفاوضات في القطاع الخاص مع اتحاد الصناعة والتجارة وتمكّن من تحقيق بعض الحقوق وهذا أمر إيجابي. وأكّد الحناشي أن الاتفاق بين الحكومة والاتحاد مهم للطرف الحكومي في ظلّ الازمة السياسية التي تعيشها البلاد مؤكّد أن هنالك اطراف سياسية كانت تمني النفس بفشل المفاوضات بين الحكومة والاتحاد من اجل غايات سياسية. واعتبر أن اصطفاف حركة مشروع تونس إلى جانب كتلة الإئتلاف الوطني في دعم حكومة يوسف الشاهد قد يكون ساهم في تحقيق هذا الاتفاق بين الحكومة والاتحاد خاصة في ظلّ تغيّر التوازنات السياسية في البرلمان في المقابل ، يحذّر مراقبون من وصول البلاد إلى حافة الإفلاس، ويشيرون إلى أنّ التجاذبات السياسية المتعلّقة برحيل الشاهد أو بقائه تشلّ العمل الحكومي والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وتعمّق الأزمة في البلاد.