تعيش تونس منذ سنوات احتقانا اجتماعيا وتوترا حتّم ضرورة ايجاد مقاربات لتحقيق السلم الاجتماعي بعيدا عن المقاربات التقليدية التي اثبتت فشلها، ومن بين الخطوات الفعليّة لايجاد اطار تُدار فيه الخلافات حتى لا تتسرب للشارع وتصبح معطلة للاقتصاد وعنصرا حاسما في اضعاف الاستثمار خاصة الخارجي منه، تم انشاء المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، وانعقدت، أمس الثلاثاء 27 نوفمبر 2018، الجلسة التأسيسية للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي الذي يجمع كلّ من الحكومة والأطراف المهنية ليشكّل رسميًا فضاء جديدًا للمفاوضات الاجتماعية. ويتركب المجلس الوطني للحوار الاجتماعي من 35 عضوًا ممثلين للحكومة و35 عضوًا ممثلين لمنظمة العمال الأكثر تمثيلًا و30 عضوًا ممثلين لمنظمة أصحاب العمل الأكثر تمثيلًا في القطاع غير الفلاحي و5 أعضاء ممثلين لمنظمة أصحاب العمل الأكثر تمثيلًا في القطاع الفلاحي وذلك حسب ما جاء بالأمر الحكومي عدد 676 لسنة 2018 المؤرخ في 7 أوت2018 والمتعلق بضبط عدد أعضاء المجلس. ويمثّل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، إطارًا قانونيًا تجلس من خلاله الحكومة ومنظمة الأعراف واتحاد الشغل في نفس الفضاء ضمن إطار تشاركي توافقي للنظر في كل الملفات المتصلة بالتشغيل والضمان الاجتماعي والتكوين المهني وكل القضايا الاجتماعية والاقتصادية. ويندرج إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي في إطار تجسيم بنود العقد الاجتماعي الممضى بتاريخ 14 جانفي 2013 بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. ويتولى المجلس تنظيم وإدارة الحوار الاجتماعي في المسائل الاجتماعية والاقتصادية التي تحظى باهتمام الأطراف الاجتماعية الثلاثة في إطار يضمن استمرار الحوار وانتظامه. وعهدت إلى المجلس القيام بعدة مهام منها خاصة العمل على إرساء مناخ اجتماعي محفز ودافع للاستثمار وضامنًا لشروط العمل اللائق ومتابعة المناخ الاجتماعي ورصد مدى احترام التشاريع الاجتماعية إلى جانب إبداء الرأي في مشاريع الإصلاحات المقدمة إليه من قبل الحكومة في المجال الاقتصادي والاجتماعي. يتمتع المجلس الوطني للحوار الاجتماعي بالاستقلالية الإدارية والمالية كما يتولى هذا الهيكل اقتراح الآليات الكفيلة بالوقاية من النزاعات الجماعية وإنجاز دراسات في المسائل التي هي من مشمولات نظره فضلًا عن تأطير المفاوضات الاجتماعية وتقديم مقترحات بخصوص تطور الأجر الأدنى المضمون في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي، إلى جانب المساهمة في تطوير أداء المؤسسات في إدارة العلاقات المهنية وفض النزاعات الشغلية مع إبداء الرأي بشأن المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بمعايير العمل الدولية والمساهمة في إعداد وصياغة التقارير المقدمة من الحكومة إلى منظمة العمل الدولية. كما يستشار المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وجوبًا في مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر الحكومية ذات العلاقة بالشغل والعلاقات المهنية والتكوين المهني والحماية الاجتماعية ويبدي المجلس رأيه ضمن تقرير معلّل يحيله إلى رئيس الحكومة في أجل شهر من تاريخ توصله بمشروع النص المعروض عليه. ويقوم المجلس بإعداد تقرير سنوي حول نشاطه ويوجه نسخة منه إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وذلك خلال الثلاثية الأولى من السنة الموالية على أن ينشر التقرير على الموقع الالكتروني الخاص بالمجلس.