تعدّدت وتضاربت تصريحات كتلة الائتلاف الوطني فيما يتعلّق بموعد الإعلان عن الحزب الجديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، الحزب الذي انكشف سرّه منذ تشكيل كتلة مساندة للحكومة صلب مجلس نواب الشعب. ورغم تفنيد رئاسة الحكومة لوقوف يوسف الشاهد وراء استقالة عدد من نواب نداء تونس بعد استقبالهم بقصر الضيافة بقرطاج، إلا أن المشهد السياسي الحالي يبرز وبوضوح نجاح الشاهد في قلب الموازين من خلال شق حزب نداء تونس وتكوين كتلة برلمانية موالية له “محترمة من حيث العدد” بعد أن كان مهدّدا بإنهاء مهامه ومهام حكومته بسبب اعلان حركة نداء تونس عن تمسكها بوثيقة قرطاج 2 وبالنقاط ال64 المُضمنة فيها بما فيها النقطة 64 المتعلقة بالتغيير الحكومي الشامل. لم ينجح الشاهد فقط في شق حركة نداء تونس بل نجح كذلك في تحويل الأنظار من ضرورة رحيله وحكومته الى التحوير الوزاري الذي اجراه على تركيبة حكومته والذي شمل 13وزارة و5 كتابة دولة، خاصة بعد مجاهرة رئيس الجمهورية بضرورة توجّهه الى البرلمان لطلب تجديد الثقة. والسؤال المطروح هو هل سينجح الشاهد في فرض حزبه المرتقب في الساحة السياسيّة؟ انتقلت تونس بعد الثورة من مرحلة الحزب الواحد الى مرحلة التخمة الحزبيّة، فقد تجاوز عدد الأحزاب في تونس 200 حزب لكن تمثيل هذه الأحزاب في البرلمان وفي الحياة السياسية بصفة عامّة أقل ما يقال عنه ضعيف ومحتشم، ولم نشاهد سوى الأحزاب ذات المرجعيّة التاريخيّة على أرض الواقع. ولئن أعزى بعض المحلّلين تأخر الشاهد في الإعلان عن حزبه الى تراجع حماسه عن الخوض في مشروع سياسي جديد، إلا أننا نلاحظ من خلال حواره التلفزي الأخير أنه ركّز على أنه من عائلة دستوريّة وعلى أنه على علاقة دمويّة بحسيب بن عمار “مدير الحزب الاشتراكي الدستوري” في محاولة منه لإضفاء بصمة “دستوريّة” على مشروعه الجديد قبل بعثه، ولكسب ثقة “الدساترة” من جهة ولإضفاء صبغة تاريخيّة للحزب من جهة أخرى. وجدير بالذكر في هذا السياق الإشارة إلى وجود الوجه الدستوري البارز كمال الحاج ساسي ضمن فريق الشاهد مستشارا سياسيا له، تم تعيينه في أوج أزمة القصبة مع قصر قرطاج الصيف الماضي. ولا شكّ أن الشاهد يعمل جاهدا لتفادي أخطاء حزب نداء تونس الذي تعّددت شقوقه حتى أصبح موشكا على الانهيار خاصّة بعد موجة الاستقالات لنوابه والتي حاول تلافيها من خلال الانصهار مع حزب الاتحاد اوطني الحر وضم نوابه لكتلة النداء، من خلال العمل على ايجاد عامل مشترك يضم أعضاء الحزب لكي لا تطاله فيما بعد الشقوق التي مزقت حزبه السابق.