يشنّ الاتحاد العام التونسي للشغل ضغوطا كبيرة على الحكومة تحت عنوان “الانتصار لقفّة الموظّفين” الذين اهترأت مقدرتهم الشرائية بتتالي الزيادات في المواد الأساسيّة، واتخذت المنظمة الشغيلة المنحى التصعيدي لدفع الحكومة للاستجابة لمطالبها ووضعت مصلحة الموظّفين فوق كل اعتبار، دون أن تعير اهتماما لتحذيرات الخبراء الاقتصاديين من التداعيات السلبية للإضراب العام على اقتصاد البلاد وعلى صورتها في الخارج لدى المستثمرين ومضت قدما في إقرار إضراب بيومين في فيفري المقبل. خطوات تصعيديّة نالت استحسان المستفيدين منها خاصّة بعد نجاح إضراب 22 نوفمبر 2018 وإضراب 17 جانفي، نجاح احتسب للاتحاد العام التونسي للشغل على مستوى تجنّد منظوريه لإنجاح التحركين وإبراز تمسّكهم بمطالبهم، وعلى مستوى إبراز قوّة المنظمة الشغيلة التي شدّد عليها أمينها العام نورالدين الطبوبي في أكثر من مرّة عندما قال “الاتحاد هو أكبر قوّة…. المنظمة الشغيلة ستحقق مطالبها أحب من أحب وكره من كره.. سنقلّم أظافركم..”. تصريحات الاتحاد العام التونسي للشغل تمحورت جلّها حول فشل الحكومة في إدارة شؤون البلاد وحول قوّة ومكانة الاتحاد والشغالين وقدرتهم على الإيقاف الكلي للنقل البري والبحري والجوي وإصابة البلاد بحالة شلل، ثم تطوّرت لتعلن أن الاتحاد معني بالانتخابات القادمة وسيخرج من موقف الحياد الذي اتخذه في الاستحقاقات السابقة بهدف مواجهة السياسات المضادة لتطلعات الشعب التونسي ولمطالبه في العيش بكرامة ولتكريس ديمقراطية حقيقية. حق الاتحاد في الترشّح للانتخابات مكفول بالدستور وسيساهم في تخفيف حدّة الصدام بين الحكومة المقبلة والمنظمة الشغيلة، وليست المرّة الأولى في تونس التي تخوض فيها منظّمة حشّاد العريقة الاستحقاقات الانتخابية فقد كان الاتحاد دائما ممثلا في البرلمان التونسي، وذلك في إطار قوائم الحزب الحاكم، في البداية في إطار الجبهة الوطنية، ثم ضمن قوائم الحزب الاشتراكي الدستوري تحت حكم الحبيب بورقيبة، ثم ضمن قوائم التجمع الدستوري الديمقراطي تحت حكم زين العابدين بن علي. ويذكر أن النقابة كانت تترك حرية الاختيار لمرشحيها للترشح ضمن قوائم الحزب الحاكم، فانتخابات المجلس الوطني التأسيسي سنة 2011 ترشح فيها بعض النقابيين على قائمات مستقلة بينهم منصف اليعقوبي وحسن الديماسي ورضا بوزريبة وعبد النور المداحي ومحمد الطاهر الشايب ومنجية الزبيدي ويوسف الصالح وبشير العبيدي، وآخرين كانوا رؤساء قوائم لأحزاب مثل حفيظ حفيظ في قائمة حزب العمال الشيوعي بقابس، ولكن لم يستطع أيا منهم الفوز بمقاعد في المجلس. ويرى بعض المتابعين للشأن الوطني أن تحرّكات الاتحاد العام التونسي للشغل تندرج في إطار التحرّكات السياسية وليس النقابيّة خاصّة بعد إعلان ترشّحه للاستحقاقات الانتخابية وبعد تشبّثه بتغيير الحكومة في مشاورات وثيقة قرطاج 2. وأكد الصحفي والمحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي أن الفرضية قائمة ولكن المطروح أمامنا هو مواجهة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل الذي يصر على أن مطالبه مهنية والجميع يقرون بان هذه المطالب معقولة. كما قال الجورشي في تصريح للشاهد “هل الحكومة تخفي حقائقا وأموالا لا تريد أن تقدمها للاتحاد؟ وإذا افترضنا بأن الحكومة صادقة في ما تقول ما المطلوب من وراء ذلك؟ هل المطلوب أن نقطع العلاقة مع صندوق النقد الدولي؟.. يمكن أن يحصل ذلك لكن من أين سنأتي بهذه الأموال التي يجب أن نضخها في الدورة المالية؟ وكيف ستكون كلفتها على المستوى القريب والبعيد؟”. وأضاف الجورشي أن الأزمة إذا تم تفسيرها تفسيرا نقابيا أو سياسيا فالنتيجة واحدة