بفعلِ الانتخابات واشتداد المنافسة والرّهانات المستقبلية، يتشكّل المشهدُ سياسي وينقلب وينفتح على كلّ الاحتمالات، حتّى المستبعدة منها، بسبب هشاشة الأرضية التي تقوم عليها الممارسة السياسية في تونس تماهيًا مع مجريات الأحداث وما يفرضه الظّرف الحسّاس، لتبرز في الآونة الأخيرة تحالفات تجمع بين أحزابٍ كانت تكنّ لبعضها العداء المتبادل، فخرج البعض اليوم بمواقف تتناقض مع ما أدلى بها بالأمس وأعرب البعض الآخر عن حاجته للتقارب من أحزاب هاجمها وعارض حتّى أساسيّات نشأتها. ويتحدّثُ مُراقبون عن تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جل الأحزاب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن توليفة تنظيمية جديدة تُجنبها الخسارة التي مُنيت بها في الانتخابات البلدية الأخيرة. وتحدثت مصادر إعلامية متطابقة عن تغير في طبيعة العلاقة التي تربط نداء تونس بحزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد “تحيا تونس” في اتّجاه تجديد المشاورات لتوحيد صفوف العائلة الندائية والمستقلين من الحزب، بعد توتر في العلاقة صاحبته تصريحات متشنّجة بين الأطراف المغادرة لسفينة النداء. وتحدّث الموقع الإماراتي “إرم نيوز” عمّا أسماه تقاربا بين “الإخوة الأعداء” في الإِشارة إلى حزبي “نداء تونس” و”تحيا تونس”، بعد خلافات متصاعدة وصلت حد القطيعة بين الحزبين. وأضاف المقال بأنه حسب المصادر التي رفضت كشف هويتها، فإن المشهد السياسي في تونس يعيش اليوم على وقع تعدّد المبادرات الرامية إلى تحقيق التوازن ضد حركة النهضة الإسلامية، وذلك في إطار تحالف سياسي واسع. وكان القيادي بحركة مشروع تونس حسونة الناصفي قد تحدّث في شهر فيفري الماضي عن مشاورات تجري بين مشروع تونس وحزب تحيا تونس وحزب نداء تونس من أجل توحيد العائلة الديمقراطيّة. لكن سرعان ما تمّ نفي هذه الأخبار من قبل القيادي بحركة نداء تونس عبد العزيز القطّي، الذي أكّد أنّ خبر التقارب لا أساس له من الصحة، ويدخل في باب المزايدات وليس هناك أي مشاورات مع حركة تحيا تونس لأنها لم تولد بعد، وفق تعبيره. يُشار إلى أنّ الأمين العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق، دعا أمس السبت، رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وحزبه حركة نداء تونس، إلى الانضمام إلى التحالف المزمع تكوينه مع حركة تحيا تونس، التي أسسها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وذلك “للوقوف صفًّا واحدًا في الانتخابات المقبلة”، وفق تعبيره.