في ظلّ الغموض الذي يطوّق أهداف وهويّة المشروع السياسي المحسوب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد والملقّب بحزب تحيا تونس وفي ظل التصريحات المتضاربة لقياداته حول حقيقة تزعّم الشاهد لهذا المشروع من عدمه، طفحت الصحف ووسائل الإعلام بقراءات تحليلّية تُنذر وتحذّر من إمكانية إستغلال الحزب لمقدّرات الدولة وأدواتها لغايات سياسية وحزبية قبل اشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع إجراؤها في الثلاثيّة الأخيرة من سنة 2019. وعبّر سياسيون عن استيائهم من استغلال الشاهد لمرافق عمومية ولشخصيات ولكفاءات وطنية، في سبيل تثبيت نفسه في السلطة، فيما شدّدت حركة النّهضة في أكثر من مناسبة على أهمية الحياد تجاه الرهانات الانتخابية وتحييد مرافق الدولة عن الحسابات السياسية، مشيرة إلى أن استمرار الحكومة وقدرتها على تسيير الانتخابات مرتهن بمدى لإلتزامها بمبدأ الحياد. وأبرز الهاروني في تصريح اعلامي أول أمس الأحد على هامش زيارته لعدد من المكاتب المحلية للحركة ، أنّ حزبه تحادث مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد بخصوص ما أسماه بشروط ضمان الاستقرار الحكومي وأنّ من بين الشروط احترام حياد الادارة ومؤسسات الدولة وان تكون الحكومة حكومة الجميع والا تتحول لحكومة شخص او حزب ولا تنخرط في العملية الانتخابية . في سياق متّصل أكد الهاروني ان الحركة حريصة على توفر شروط الاستقرار الحكومي الذي يمر وفق قوله عبر حياد الحكومة الحالية بما يجعلها قادرة على انجاح الاستحقاقات الانتخابية المزمع تنظيمها بين شهري اكتوبر وديسمبر القادمين . وتابع الهاروني موضّحا ” إذا استوجب القيام بتغييرات من أجل الاستقرار الحكومي فسيكون ذلك لأن مصلحة البلاد فوق الأشخاص”. وتصاعدت الضغوطات على رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، من أجل دفعه إلى توضيح مشروعه السياسي وأهدافه والحسم في فرضية ترشّحه للإنتخابات، بيد أنّ يوسف الشاهد ورغم الضغوطات المسلّطة عليه، خيّر إلتزام الصمت والإكتفاء بإرسال رسائل مشفّرة بخصوص ما يتعلق برهاناته المستقبلية، و اكتفى الشاهد في هذا السياق بتصريح يتيم لجريدة “لو فيغارو الفرنسية” يقول فيه “لا أفكّر في الترشح للرئاسيات يوميا وأنا بصدد حلق لحيتي صباحا”. ومن المنتظر أن يقوم حزب تحيا تونس بعقد مؤتمره الإنتخابي التّأسيسي أواخر شهر أفريل المقبل، وسيتم خلال هذا المؤتمر انتخاب هياكل الحزب والإعلان عن مؤسسيه و عن أمينه العام، كما من المتوقع ان يتم الكشف وبصفة رسمية ما إذا كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد سيكون مرشحًا للانتخابات الرئاسية من عدمه. و يرى مراقبون أن يوسف الشاهد قد حسم خياره بالبقاء إلى آخر لحظة في الحكم ثم التقدم للرئاسية، بشكل يجعله يستفيد من الامتيازات المتاحة في الحكومة و تحقيق طموحه باعتلاء كرسي قرطاج، في ذات الوقت، إذ تدلّ كلّ المؤشرات على أنّ يوسف الشاهد لن يفوت على نفسه فرصة “قرطاج الذهبية”وإن لم يعلن عن ذلك. ولم يستبعد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إمكانية تغيير حكومة يوسف الشاهد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة أواخر 2019. وقال الغنوشي إن حركة النهضة في تشاور مع كل الأطراف بشأن ما إذا كانت الحكومة القائمة اليوم ستقود البلاد إلى الانتخابات أو إجراء تغيير حكومي وتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة انتخابات لتأمين الاستحقاق الانتخابي، متابعا أنها “فرضية غير مستبعدة”. ولم تحدد رسميا بعد آجال الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة ، لكن رئيس هيئة الانتخابات نبيل بفون قال في تصريحات سابقة إن الهيئة بصدد إعداد مواقيت الانتخابات المقبلة. ومن المرجح تنظيم التشريعية في أحد أيام الآحاد من أكتوبر المقبل، في حين ستكون الرئاسية أحد أيام الآحاد من نوفمبر 2019.