مع اقتراب الانتخابات التشريعيّة والرئاسية في تونس، شرعت العديد من شركات سبر الآراء في استطلاع الرأي العام عن نوايا التصويت وعن الأحزاب والشخصيات التي سيصوتون لها. وتعتبر عمليّة سبر الآراء من بين العوامل التي تؤثر في الناخبين وتوجّه في بعض الأحيان أصواتهم إلى حزب أو شخصية ما لذلك تولي جميع الأحزاب أهميّة فائقة لهذه العملية فيما تطالب أخرى بضرورة تقنينها والكشف عن الآليات التي تستعملها لتقديم نتائجها. ونلاحظ أن النتائج التي تفرزها شركات سبر الآراء مختلفة من شركة إلى أخرى فنرى شخصيّة تتصدّر نوايا التصويت لدى شركة معيّنة وشخصيّة أخرى لدى الشركة المنافسة. فماهي أسباب التضارب في نتائج سبر الآراء؟ واعتبر المحلّل السياسي فتحي الزغل أن تونس عاشت منذ ثورة 2011 مناسبات انتخابيّة عديدة وأن الانتخابات عرفت في مجملها تصريحات لمشرفين على شركات سبر الآراء ومنشورات منها قبل كل مناسبة انتخابيّة، معتبرا أنّ القاسم المشترك بين تلك المنشورات والإحصائيات هو فقط… كذبها. وأضاف الزغل في تصريح لموقع الشاهد أنّ سبر الآراء هو علم إحصاء يعتمد على ما يسمّى بتمثيليّة العيّنة العشوائيّة للكلِّ المدروس، في الكمّيّة وفي التوزيع وفي الرأي وفي القرار، مبينا أنه إذا أخذنا هذا التعريف مقياسا، فيكون من المفروض أن تشترك كلّ المؤسّسات التي تنشط في هذا المجال في النّسب التي تنشرها وتعلنها باختلافات بسيطة طبعا، كما يحدث في كلّ دول العالم التي تكون لتلك المؤسّسات فيها حرفيّة ومهنيّة بعيدتان جدّا عن الأغراض السّياسويّة الحزبيّة المفضوحة. كما أكد أن الأمر في تونس مختلف وأن كلّ مؤسّسة تنشر سبر آراء يتحصّل الحزب الذي له علاقة بها على المراتب الاولى، فتكون بذلك النتائج بين هذه الشركات مختلفة جدّا باختلاف توجّهات أصحاب مؤسّساتها الحزبيّة والإيديولوجيّة، أو لمن يعملون لحسابه من الأحزاب، ممّا جعل تلبيتها لأغراضهم السّياسيّة مفضوحا وجليًّة، وفق تعبيره. كما أشار إلى أن سبر الآراء في تونس لا يرقى لأن يكون مهنيًّا ولو بالدرجة الدّنيا للمهنيّة، مادامت المراكز الأولى في ما تنشره تخضع للهوى الحزبي و… “لمن يدفع أكثر”. وللإشارة فقد كشف مقياس الشأن السياسي لمؤسسة “امرود كونسلتينغ” الذي أجرته بالتعاون مع مؤسسة “دار الصباح” خلال الفترة المتراوحة بين 27 و29 مارس المنقضي، وشمل عينة مكوّنة من 1500 يمثلون نماذج سكانية من كل أنحاء الجمهورية وينتمون الى 24 ولاية بما فيها المدن والأرياف، أن حركة النهضة حافظت على صدارة نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية بنسبة21.2 %. وحلّ حزب تحيا تونس في المرتبة الثانية حيث عبّر 7.1 % من المستجوبين عن نيتهم في التصويت له،وفي المرتبة الثالثة نجد حزب نداء توني الذي نال ثقة 6.5 % من المستجوبين. كما حلّ حزب عبير موسي، الحزب الدستوري الحرّ، في المرتبة الرابعة بنسبة 4,4 بالمائة. ويحلّ التيار الديمقراطي في المرتبة الخامسة ب1,9 بالمائة ثم الجبهة الشعبية 0,5 بالمائة. وكانت الإجابة الغالبة من المستجوبين أنه «لا يعرف» حيث لم يقرّر 41.6% إلى من سيصوّت من الأحزاب. وفي إجابة عن سؤال مفاده «إذا كانت الانتخابات الرئاسية غدا من هي الشخصية السياسية التي ستقوم بالتصويت لها»، أجاب أكثر من نصف المستجوبين وبنسبة 56 بالمائة بأنهم «لا يعرفون». وبالنسبة للمستجوبين الذين ينوون التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة، وحسم حوالي 14.6 % منهم خيارهم وأكّدوا أنهم سيمنحون صوتهم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد رغم أنه لم يعلن بعد نيته في الترشّح من عدمه، في حين أكّد 13.3% أنهم سيصوّتون لأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد. وفي المرتبة الثالثة حلت عبير موسي ب 5.7 %. وفي المرتبة الرابعة المنصف المرزوقي بنسبة 2.7 %. لكنّ نتائج سبر آراء أجرته صحيفة “الشروق” اليومية خلال الفترة من 12 إلى 16 مارس المنقضي، أفادت بأنّ حزب تحيا تونس يتصدر نوايا التصويت بنسبة 19,6 بالمائة يليه حزب حركة النهضة (19,2 بالمائة) ثم التيار الديمقراطي (15 بالمائة) ونداء تونس (13 بالمائة) والحزب الحر الدستوري (9,8 بالمائة). ومن جانبها نشرت صحيفة المغرب، يوم الأحد 17 فيفري 2019، سبر آراء لنوايا التصويت في الانتخابات التشريعية والرئاسية لسيغما كونساي، حيث تصدرت حركة النهضة النتائج فيما يتعلق بنوايا التصويت للانتخابات التشريعية ويوسف الشاهد تصدر نتائج نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية. وقد تحصلت حركة النهضة على نسبة 33،3 بالمائة من نوايا التصويت تلتها حركة نداء تونس بنسبة 15،5 بالمائة ثم التيار الديمقراطي بنسبة 10،0بالمائة ثم الجبهة الشعبية ب8،9 بالمائة ثم الحزب الدستوري الحر بنسبة 6،5 بالمائة، هذا بخصوص نوايا التصويت للانتخابات التشريعية. اما بخصوص نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية فقد تصدر رئيس الحكومة يوسف الشاهد الترتيب بنسبة 30،7 بالمائة يليه قيس سعيد ب12،5 بالمائة ثم الباجي قايد السبسي بنسبة 10،8 بالمائة ثم المنصف المرزوقي بنسبة 9،0 بالمائة ثم حمة الهمامي بنسبة 4،4 بالمائة. وأظهر سبر الآراء أنّ نسبة العزوف عن التصويت ظلّت مرتفعة، حيث أٌقرّ ربع المستجوبين أنّهم لم يقرروا بعد إن كانوا سيصوتون أم لا في حال توجهوا إلى صناديق الاقتراع. ويشار إلى أنّ مجموعة من النواب قدموا مقترح قانون يتعلق بتنظيم سبر الآراء واستطلاعات الرأي وإنجازها ونشرها، وينص الفصل الأول منه على أنه “يعتبر استطلاعا للرأي أو سبراً للآراء في مفهوم هذا القانون كل تحقيق إحصائي يهدف إلى إبراز إشارات كمية وفي تاريخ محدد لآراء أو مواقف أو رغبات أو تقييمات أو سلوكيات مواطنين بخصوص مواضيع سياسية أو اجتماعية أو دينية أو فكرية أو سمعية بصرية أو بخصوص أحزاب أو أشخاص أو برامج سمعية بصرية أو قنوات سمعية بصرية أو مؤسسات عمومية أو خاصة وذلك عبر استمارات بمختلف اشكالها وتقنياتها أو من خلال مقابلة شخصية أو اتصالات هاتفية أو تصويت بقطع النظر عن التقنية المعتمدة. يعد استطلاعا للرأي أو سبراً للآراء كل عمليات سبر نوايا التصويت في أي عملية انتخابية تجري فوق التراب الوطني”. كما اقترح الفصل الثالث على أنّه “تحدث بمقتضى هذا القانون هيئة وطنية مستقلة لاستطلاعات الرأي وسبر الآراء تكلف بتنظيم القطاع وتعديله والسهر على تأمين مصداقية استطلاعات الرأي وسبر الآراء ونزاهتها وشفافيتها وحرفيتها وتسليط العقوبات المترتبة عن الإخلال بالمقتضيات القانونية والترتيبية ومقرها تونس العاصمة”.