يسارع أصحاب القرار في تونس إلى الضغط على جيب المواطن والزيادة في الأسعار، تعويضا لكلفة الاستجابة للمطلبية الاجتماعية، ومعالجة للعجز المالي واقتصادي. ورغم الاحتجاجات المتكرّرة ورفض المواطن لهذه السياسة إلا أن لهيب الأسعار يتأجج يوما بعد يوم. وقد أعرب المتابعون للشأن الاقتصادي والاجتماعي بتونس عن مخاطر مزيد التضييق على المواطن التونسي الذي بات يشكو من البطالة والفقر وتدهور المقدرة الشرائية مؤكدين على ضرورة إيجاد حلول كفيلة بحلحلة الأزمة الراهنة. واعتبر الديبلوماسي السابق والمحلّل السياسي عبد الله العبيدي أن تونس تعيش وضعا استثنائيا وأن أصحاب القرار، عبر الضغط على المواطن من خلال الترفيع في الأسعار، وصلوا “إلى اللحم الحي”. وأضاف المتحدث في تصريح لموقع “الشاهد” أن الزيادة في أسعار المحروقات تهم كل القطاعات وكل الفئات وأن الزيادة في معاليم الماء والكهرباء والمواد الغذائية تعزى بالأساس إلى تدحرج الدينار التونسي الذي انعكس سلبا على حياة المواطن، مشيرا إلى أن التغيير يمكن أن يكون على مستوى الواقع الاقتصادي. كما اعتبر العبيدي أن المتقلدين لمواقع في الحكم غير متمكنين من تسيير دواليب الدولة وانتهجوا سياسة الضغط على الجباية وعلى الفائدة المديرية والزيادة في الأسعار مقابل غياب للإنتاج ولتنظيم الأجهزة الاقتصادية لتمكّن من إعطاء مردود اكثر، مبيّنا أن الوضع في تونس على وشك الانفجار. وأشار المحلّل السياسي إلى أن المنظمات والجهات التي لم تتّحد سابقا، اتحدت ضد الزيادة في الأسعار وهي كل من الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية واتحاد الفلاحة، إيمانا منهم بوجود ضروريات وثوابت لا يختلف فيها المختلفون. واعتبر أنه كان من الأجدر تعبئة الموارد المالية من الموارد المتاحة كالفسفاط والنفط والغاز وغيرها ومن ثم استكمال العجز المتبقي من الجباية والزيادة في الأسعار، مشيرا إلى أن تونس تعيش مفارقة تتمثّل في انخفاض سعر البترول في الأسواق العالمية وارتفاع سعر المحروقات في بلادنا. واعتبر أن ذلك يعزى إلى عجز الفريق الحاكم في حسن إدارة الشأن العام وإرساء حوكمة رشيدة تقنع المواطن بأن لا خيارات أمام الحكومة إلا الضغط على الأسعار، مشيرا إلى أن المواطن يرفض سياسة الترفيع في الأسعار في ظل وجود أموال طائلة تهرب يوميا وفي ظل تمتع البلدان الأخرى بمنتوجاتنا وهو محروم منها. كما اعتبر أن الاشكالية تتلخّص في تتدني الأجور مشددا على ضرورة أن تكون الأسعار مناسبة للأجور وللخدمات. ويشار إلى أنّ أصحاب سيارات النقل الريفي واللواج والتاكسي ومدارس تعليم السياقة وشاحنات نقل البضائع، نفذوا وقفات احتجاجية سلمية بمختلف جهات البلاد نددوا خلالها بما اعتبروها “قرارات مسقطة من قبل الحكومة بشان الزيادات المشطة وغير المسؤولة التي اقرتها في أسعار المحروقات”. ومن جانبه أصدر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة بيانا ينبه فيه السلط بالانعكاسات السلبية التي ستمس قطاع الصناعة. واعتبر أن هذه الزيادة تمثل ضربة جديدة قاسمة للصناعة التونسية وخاصة القطاعات التي تعتمد على "القزوال" وعلى "الفيول الثقيل وعلى الغاز المسيل وهي مواد شهدت زيادات تتراوح بين 5 و10 بالمائة، وذلك بعد الزيادة في سعر الكهرباء والغاز بنسبة ناهزت 50 بالمائة. وأكّد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن هذه الزيادة الجديدة في أسعار المحروقات ستكون لها تداعيات خطيرة على تنافسية وديمومة المؤسسات وعلى القطاع الصناعي وعلى العديد من المهن.