على عكس ملف الرقاب والذي شغل اهتمام جميع السياسيين من جميع المشارب الإيديولوجية وخصوصا تلك اليسارية، لم يحظ موضوع دار المسنين بقرمبالية ورغم فظاعة الملف باهتمام السياسيين الذين انشغلوا عنه وكأنّ الأمر لا يعنيهم، بل بالعكس من ذلك خرجت وجوه نقابية لتلطيف الأجواء والحدّ من خطورته باعتبار أن احد المتهمين في الملف نقابي. وكشف برنامج” الحقائق الأربع” الذي يبث على قناة “الحوار التونسي” في تحقيق عن دار المسنين بقرمبالية من ولاية نابل فظاعة ما يتعرض له المسنون المقيمون هناك من تعنيف وسوء عناية ومعاملة من قبل مديرة المؤسسة وخاصة من قبل قيم يتحكّم في كل شي مستغلا في ذلك صفته النقابية، حسب ما جاء في التحقيق. وقام فريق البرنامج بتقديم أنفسهم على أساس أنهم جمعية وقاموا بالتصوير قبل أن يكتشف القيّم بالمركز أن الفريق الصحفي يقوم بالتصوير، وقبل أن يغادر فريق البرنامج تعرّض لاعتداء بالعنف من طرف القيّم والسائق والطباخ الذين حاولوا احتجازهم بالقوّة وافتكاك الهاتف الذي اُستعمل للتصوير. وبيّن التحقيق أن ردّة الفعل العنيفة للمسؤولين بمركز المسنين في قرمبالية سببها تصريحات وصور المسنين التى تم التقاطها والتى تفضح المعاملة السيئة و الاعتداءات بالعنف عليهم فضلا عن الوجبات الفاسدة التى يتم تقديمها إليهم. كما كشف عن حالة وفاة مسترابة داخل المركز، لأحد المسنين الذي يدعى الشادلي الحري بسبب جرعة زائدة من الدواء بحسب شهادات تم توثيقها. وعلى الرغم من فظاعة الصورة التي قدمها التحقيق المتلفز، لم يحظى التحقيق بمتابعة السياسيين وتعليقاتهم، بل لم يحظى حتى بمتابعة الجهات المعنية ومن بينها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن والتي اكتفت بنشر بلاغ يدين تعنيف الصحفي دون أن تُعرّج على الإهانة والتحرش والاعتداء بالعنف على المسنين القابعين بذلك المركز، وهو ما بدا مختلفا عن الطريقة التي تعامل بها السياسيون والوزارة المذكورة مع مدرسة الرقاب حيث تم تطويع الملف بشكل فائق السرعة لأغراض سياسية، ولكن حينما تعلق الأمر بمسنين ونقابيين لم نر ذات السرعة في التفاعل بل مرّ الموضوع وكأنه لم يكن، وكأنه لا يوجد مسنون يتعرضون للاعتداء والضرب والإهانة في مكان يتبع جغرافيا هذا الوطن. وفي قرار، جاء بعد فوات الأوان يؤكد حالة اللامبالاة من قبل وزارة الإشراف تجاه مؤسساتها بعد متابعة قراراتها السابقة، أعلنت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في بلاغ لها اليوم الجمعة أنه تقرر خلال جلسة طارئة حول التجاوزات التي جدّت بمركز رعاية كبار السن بقرمبالية، التفعيل الفوري للقرار السابق لوزيرة المرأة والقاضي بإعفاء مديرة المركز من مهامها وإيقاف “القيم” بالمؤسسة عن العمل. كما أذنت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، نزيهة العبيدي في الإبان لإدارة الشؤون القانونية برفع شكاية جزائية في جملة التجاوزات الحاصلة بالمركز ومتابعة القيم قضائيا في ما نسب إليه من شبهات مختلفة وكل من يثبت تورطه في إلحاق الأذى بالمقيمين بهذا المركز الذي يخضع لإشراف الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي. وكان رئيس جمعية جسور ظافر بالطيبي ذكر في تصريح لموقع “الشاهد” أنّ الجمعية تمكّنت منذ أشهر من جمع 5 شهادات من نزلاء في مركز رعاية المسنين بقرمبالية تشير كلّها إلى وجود انتهاكات جسيمة في التعامل مع المسنين مثل العنف الشديد والتحرّش وإهانة النزلاء وسرقة الهدايا الذين يتحصّلون عليها مبيّنا وجود حالات وفيات مسترابة نتيجة للإهمال الصحّي وضربهم بصفة مستمرّة و المبالغة في إعطائهم أدوية مخدرة.