شهدت تونس إثر الحادث الأليم الذي أودى ب7 من النساء الكادحات العاملات في حقول الفلاحة، احتجاجات ومظاهرات رفع في البعض منها شعارات تنادي بمنح الحريات الكاملة للمرأة وأخرى تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة. شعارات قد تهمّ فئة معينة من النساء، ولكن من المستبعد أن تكون على رأس أولويات المرأة الريفية، التي لا يهمها مساواتها مع الرجل بقدر الحصول على تأمين اجتماعي وعقد عمل ونقل آمن وأجر يحفظ لها ماء الوجه ويكفي لسدّ إحتياجاتها الأساسية. أشياء ربما لا تفهمها النساء التقدميات اللاتي خرجن هذا الأسبوع بنظاراتهمن وحقائبهن الثمينة رافعين “الفولارة الريفية” والتي بدت وكأنها موضة أكثر من كونها رمز، للمطالبة بالمساواة بينهن وبين الرجل، وكأنّ النساء اللاتي توفين في الشاحنة، قضين لأنهن لا يتساوين مع الرجل، في وضع يشكف الهوة العميقة بين تطلعات المرأة الريفية والمرأة “التقدمية” أو اللاتي يعرّفن بأنفسهن على أنهنّ “أحفاد بورقيبة”. ويرى البعض أنه وقبل المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة، يجب المناداة بالمساواة بين المرأة والمرأة التونسية، وعدم التمييز بين المرأة في المدينة والمرأة القروية، فتلك هي معركة المساواة الحقيقية، حسب البعض. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن 65% من النساء العاملات في الفلاحة لا يتمتعن بالتأمين الاجتماعي ويشتغلن دون عقود عمل، علاوة على تعرضهن للتحرش. وترى مباركة بن منصور الناشطة في المجتمع المدني أن “حقوق المرأة تحولت إلى مجرد شعارات سياسية تلبي تطلعات طبقة مرفهة من النساء اللواتي يعيشن في المدن”. واستدركت بالقول:”رغم المكاسب التي حققتها المرأة التونسية منذ الاستقلال، إلا أن واقع المرأة الريفية لا يزال تعيسا”. وتابعت الناشطة “المرأة الريفية لا تضع قانون المساواة في الميراث ضمن أولياتها، فهمها الشاغل هو كسب لقمة العيش “. وتختم “لن يتحقق الأمن الاجتماعي في تونس والمساواة بين المرأة والرجل إلا بضمان حقوق المرأة الريفية وأبناء المناطق الداخلية”. وعلّق المؤرخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحنّاشي على هذا الأمر بقوله “عار على الدولة التونسية التي تفتخر بما أنجزت لصالح المراة دون ان توفّر للمراة، الريفية العاملة المناضلة الشرسة من اجل لقمة العيش، ادنى الشروط والإمكانيات من اجل العيش الكريم رغم تكرر المآسي. هذا بروتوكول اتفاق لم يقع تفعيله منذ 2016!”. يذكر أنّ ولاية سيدي بوزيد استيقظت السبت الماضي على خبر مقتل 12 شخصا بينهم 7 عاملات في قطاع الفلاحة وأطفالهن وإصابة 19 آخرين أغلبهن من قرية واحدة. ونشر نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي صورا وفيديوهات وثقت لحظة وقوع الحادث وأخرى تظهر جثث النساء المتكدسة