لعبت منظمات المجتمع المدني دورا هاما منذ سقوط نظام بن علي في عدة مجالات، حقوقية وسياسية واجتماعية وبيئية وثقافية وتربوية. وقد تمكّنت بعض المنظمات من تأكيد جدارتها في ملف محاربة الفساد، وذلك على الرغم من حملات التشكيك التي تطال مصادر تمويلاتها والأجندات التي تعمل لصالحها والشخصيات التي تقف وراءها. وقد كان لمنظمة أنا يقظ دور هام في محاربة المافيا المالية التي ظلت مفلتة من الحساب طيلة سنوات، كما تجرأت المنظمة على فتح ملف الأخوين القروي اللذان تعلقت بهما قضايا تبييض أموال والتهرب الضريبي، وذلك من جملة عدة ملفات نشرتها ضمن تحقيقات استقصائية، وتوجهت بها إلى القضاء. وبفضل “محاربة الفساد” التي اتخذته حكومة يوسف الشاهد شعارا لها، أصبحت جهود المجتمع المدني في التشهير بالفاسدين وإيداع قضايا ضدهم لدى المحاكم تصب في صالح الحكومة وتنسب إليها باعتبارها “حكومة ضد الفساد”. وقد تحصلت منظمة أنا يقظ على نسخ تقارير مراقب الحسابات لشركة Nessma Broadcast SARL لسنوات 2011 و2012 و2013 والمتعلقة بالقوائم المالية للشركة وأودعتها لدى القضاء. واثبتت هذه التقارير الوضعية المالية المسترابة لشركة نسمة وعمليات التحيل التي تمارسها على البنوك التونسية وإدارة الجباية وصندوق الضمان الاجتماعي في ظل الديون المتراكمة والتي وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من 36 مليارا من المليمات، في حين أن رأس مال الشركة لا يتجاوز 2.5 مليار، كما بينت التقارير أن أغلب الديون هي تجاه شركات على ملك نبيل القروي وأخيه غازي، سواء في تونس أو في الخارج وهو ما يطرح فرضية أن شركة نسمة تقوم بتهريب مرابيحها إلى الخارج. تجدر الاشارة الى أن نبيل القروي تعلقت به العديد من القضايا تجاوزت ال 700 ملف من 4 دول، وقد أقر قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي مجموعة من التدابير الاحترازية في شأن الأخوين القروي، تتعلق بتحجير السفر وتجميد الأموال، وذلك منذ يوم 28 جوان الفارط. كما تم يوم الجمعة 23 أوت إيقاف نبيل القروي وإيداعه بالسجن المدني بالمرناقية. وفي ظل الجدل السياسي والإعلامي الذي عقب عملية الإيقاف، تم حجب العمل الكبير الذي أنجزته منظمة “أنا يقظ” وما لحق مسيّريها من حملات تشويه وتحريض من قناة نسمة ومالكها