استهل رئيس الحكومة المفوض الحبيب الجملي منذ يوم الثلاثاء الفارط سلسلة التفاوض مع جميع الأحزاب السياسية، ما عدى تلك التي رفضت المشاورات قطعيا على غرار الحزب الحر الدستوري، كما التقى الجملي ممثلين عن بعض النقابات والمنظمات سعيا منه لتوسيع دائرة المشاورات. وخلال سلسلة اللقاءات برّرت بعض الأحزاب قرارها بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة والاصطفاف في المعارضة بأن الشعب التونسي لم يفوّضها خلال التشريعية لتكون صلب الحكومة المرتقبة بالنظر إلى حجم تمثيليتها في البرلمان، فيما رفضت بعض الأحزاب تشكيل حكومة تضم الأحزاب التي فوضها الشعب بالمراتب الأولى انتخابيا، وطالبت بحكومة كفاءات والقطع مع الحكومات السياسية. وقد اعتبرت مواقف هذه الأحزاب متباينة ومتناقضة بين القبول بشرعية الأحزاب التي فوضها الشعب لتشكيل الحكومة ورفض المشاركة فيها. وتعليقا على هذا الموقف، أشار المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي إلى أنه عندما تكون الكتل صلب البرلمان عديدة ومتوازنة نسبيا، ويعجز الحزب الأغلبي على تشكيل الحكومة بأغلبية مريحة، تجد الكتل الصغيرة من حيث العدد فرصة لتفرض شروطها. وأضاف في تصريح لموقع “الشاهد” أنه في النظام البرلماني لا يمكن للحزب الذي يحصل على اكثر مقاعد أن يتصرف كما يريد، بل تفرض عليه موازين القوى والسياق الذي هو فيه أن يقبل بتشريك أحزاب صغيرة ليوفر القاعدة البرلمانية الضرورية. وتبعا لذلك تطالب الأحزاب الصغرى بحكومة كفاءات وبعض الوزارات وتستغل هذه الثغرة في الوضعية البرلمانية وفي ميزان القوى الذي أفرزته الانتخابات. تجدر الإشارة إلى أن النائب عن حركة تحيا تونس وليد جلاد كان قد صرح بأن أعضاء الحركة الذين التقوا برئيس الحكومة المفوض الحبيب الجملي عبّروا له عن قرار مؤسسات الحزب القاضي بالتموقع في المعارضة وذلك احتراما لنتائج الانتخابات على اعتبار أن الحزب لم يتحصل على تفويض شعبي ليكون صلب الحكومة. من جانبه أفاد رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق إثر لقائه برئيس الحكومة المفوض الحبيب الجملي بأن حزبه غير معني بالمشاركة في الحكومة المقبلة لأن حركة مشروع تونس لم تتحصل على تمثيلية واسعة في البرلمان. وقال علي الحفصي أمين عام حركة نداء تونس إثر لقائه مع رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي إن حزبه مع إرساء “حكومة كفاءات وإصلاحات”، وليس له رغبة في المشاركة في الحكومة، لكن في حال تمت دعوته لحقيبة وزارية ما، فإنه سيدرس الموضوع، وفق تعبيره. وتجدر الإشارة إلى أنّ حزب نداء تونس كان قد شكل، إثر فوزه في انتخابات أكتوبر 2014، حكومة شاركت فيها عدة أحزاب، وذلك من أجل ضمان حزام سياسي يضمن الاستقرار الحكومي.