يشرع مجلس نواب الشعب، بعد غد الأحد 8 ديسمبر، في مناقشة مشروعي قانون المالية والميزانية لسنة 2020، في الجلسة العامّة والمصادقة عليهما، علما وأن 10 ديسمبر من كل سنة هو الأجل الدستوري للمصادقة على مشروعي الميزانية والمالية للسنة القادمة على أن يختم رئيس الجمهورية المشروعين قبل 31 ديسمبر. وقد صادقت اللجنة الوقتية للمالية، خلال جلستها، أوّل أمس الأربعاء 4 ديسمبر، على مشروع قانون المالية لسنة 2020 بأغلبية الحاضرين. وتقدّر قيمة ميزانية الدولة المقترحة لسنة 2020 بحوالي 47.227 مليار دينار.وأسقطت لجنة المالية الوقتية عددا من الفصول من مشروع قانون المالية لسنة 2020، وهي الفصول 26 و29 و30 و44 و45 و46، وصار المشروع متضمنا ل 43 فصلا.ولم يثر مشروع قانون المالية للسنة المقبلة الكثير من الجدل باستثناء بعض الفصول المتعلّقة بالجباية على غرار الفصلين الخلافيّين 29 و30 والمتعلّقين بالإجراءات الجبائية المحدودة أو المراقبة المحدودة، تسبّبا في احتداد النقاش داخل اللجنة وطرد رئيسها عياض اللومي لممثلي وزارة المالية من اللجنة بعد أن رأى أنهم يحاولون التأثير في اتجاه التصويت والدفاع عن الإجراء. وبعرض الفصلين 29 و30 على النقاش اختلفت المواقف أساسا بين نواب حركة النهضة في اللجنة الوقتية للمالية وباقي الحاضرين من الأعضاء. وحظي مقترح المراجعة الجبائية المحدودة بموافقة نواب حركة النهضة خاصة أن الإجراء معمول به في الدول الديمقراطية لتفادي المراجعة الجبائية المعمّقة التي تتطلّب سنوات وتتسبّب في خسارة أموال طائلة. وأكد نواب كتلة حركة النهضة في اللجنة أنهم سيعيدون اقتراح الإجراء في الجلسة العامة التي ستنعقد للنظر في مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2020.فيما رأى نواب آخرون أنّ هذا الإجراء بمثابة ضوء أخضر لتبييض الأموال والتهرّب الجبائي وهو ما تسبّب في نقاش حادّ صلب اللجنة لكنه انتهى بالتصويت ضدّ الفصلين 29 و30 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 وإسقاطهما. كما أثار الفصل 26 من مشروع قانون المالية المتعلق بترشيد الانتفاع بنسبة ضريبة على الشركات ب13.5 بالمائة، جدلا داخل اللجنة، حيث رفضت اللجنة المصادقة على هذا الفصل، بعد اعتراض 11 نائبا واحتفاظ نائبين بصوتهما وموافقة نائب واحد. ويقترح الفصل 26 التنصيص على توفر شرط تحقيق حد أدنى من المصاريف السنوية وتشغيل عدد أدنى من الأجراء المختصين القارّين لغاية الانتفاع بنفس الضريبة على الشركات بنسبة 13.5 بالمائة (وهي نسبة تم إقرارها في قانون المالية 2019) أو طرح نصف المداخيل بالنسبة للأشخاص الطبيعيين عند الاقتضاء. ويهم هذا الإجراء، خدمات التجديد في التكنولوجيا الإعلامية وتطوير البرمجيات ومعالجة المعطيات وشركات التجارة الدولية والخدمات اللوجستية بصفة مجمعة، على أن يتم تطبيق النسبة المذكورة (13.5 بالمائة) على الأرباح المحققة ابتداء من غرة جانفي 2021 والمصرح بها خلال سنة 2022 والسنوات الموالية. وكان قانون المالية لسنة 2019، قد أقر بهدف التقليص التدريجي في نسبة الضريبة على المؤسسات، اعتماد نسبة منخفضة ب13.5 بالمائة على الشركات مع إعطاء الأولوية للقطاعات المنتجة والواعدة وذات القيمة المضافة العالية بصرف النظر إن كانت موجهة للتصدير أو عاملة بالسوق المحلية. وبرّر أعضاء اللجنة رفضهم المصادقة على هذا الفصل بإمكانية إضراره ببعض القطاعات باعتباره يتضمن شروطا تتعلق بحد أدنى من المصاريف وعدد الموظفين ويتم في صورة عدم الاستجابة لهذه الشروط، المرور آليا إلى تطبيق نسبة 25 بالمائة وهو ما من شأنه أن يحد من تنافسية هذه المؤسسات، حسب رأي اللجنة. في المقابل، أكد ممثلو وزارة المالية أن هذا المقترح يأتي في إطار انخراط تونس في برنامج عمل تفادي ظاهرة التهرب الضريبي لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهو يهدف إلى ضمان خروج تونس من القائمة السوداء لبلدان الملاذ الضريبي بعد تعهدها بوضع إجراءات تشريعية جبائية لإخراجها من القائمة الرمادية. وشدّد ممثلو الوزارة على أن عدم التصويت على هذا الفصل، قد يؤدى إلى إعادة إدراج تونس ضمن القائمة السوداء. يامنة سالمي