طرحت مبادرات التبرّع من أجل دعم مجهود الدولة، الطبّي والاجتماعي، في مكافحة انتشار فيروس كورونا، حساسية رجال الأعمال تجاه الانتقادات الموجهة إليهم بسبب ضعف حماسهم لتقديم التبرعات وشحّ مساهمات بعضهم مقارنة بالثروات التي يحوزونها. وقد أبدى رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول تشنّجا واضحا وهو يشترط تمتيع رجال الأعمال بإعفاءات وتخفيضات في الضرائب، مقابل التبرع لصندوق 1818 لمجابهة الكورونا، وتحدث، من موقع المتضرر، عن المؤسسات الاقتصادية الي تعاني منذ سنوات من وضعيات مالية صعبة جدّا. وكان ماجول يتحدث باسم كافة منظوريه دون تمييز، لكنّ بعض المعلقين اعتبروا أنّه وفئة قليلة من العائلات المستحوذة على الثروة وأكبر نصيب من عائدات القطاع الخاص، يتمترسون بملف المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعرف وضعيات صعبة، ليبرروا منطقهم المتعالي، بل “الابتزاز” كما وصفه عديد المعلقين، الذين يرون أنّ رجال الأعمال، يستغلون الأزمات “أعمال إرهابية وجوائح طبيعية، وغيرها..) ليفرضوا استفادتهم منها على حساب الفئات الضعيفة والمتوسطة الدخل، وذلك ما تمت معاينته في عدة مناسبات سابقة. ومن هذا المنطلق انطلقت الدعوات، بنبرات مختلفة، إلى رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات إلى خلاص ديونهم وأداءاتهم والوقوف إلى جانب الدولة في هذا الأزمة التي لا يعرف مداها. كما صرح وزير أملاك الدولة غازي الشواشي، ردّا على رئيس منظمة الأعراف أنّه على جميع الناس أن يدفعوا ما عليهم وخاصة الشركات الكبيرة. واعتبر أنّ الإعفاءات من الضرائب تعني أنّ ما ستأخذه الدولة باليمين، ستعيده بيسارها إلى الجهة نفسها. ويشار إلى أنّ حجم التهرب الضريبي بلغ إلى حدود سنة 25 مليار دينار (أكثر من نصف الميزانية وكفيل بتسديد المديونية الخارجية)، حسب تصريح لفيصل دربال المستشار المالي السابق برئاسة الحكومة. ولا نعرف مدى جدّية ما نبّه إليه الشواشي، من أن هناك إمكانية لإجبار المؤسسات والشركات الكبيرة على الدفع. وأنّ ذلك يمكن أن يكون بقانون يكون بمثابة ضريبة على الثروة أو معلوم إضافي على المرابيح. وسيكون تنفيذ ذلك اختبارا لمدى جديّة الدولة في القيام بدورها الاجتماعي، الذي كان إحدى شعارات حكومة الفخفاخ. تهرب ضريبي وديون غير مسدّدة وتشير الأرقام إلى أنّ عددا من رجال الأعمال، متهرّبون أيضا من سداد ديونهم المتخلدة لدى البنوك والتي نالها أغلبهم دون ضمانات، وذلك بدعم من النظام السابق قبل الثورة. فقد أعيد سنة 2014 في المجلس الوطني التأسيسي، طرح ملف 126 رجل أعمال حصلوا على قروض دون ضمانات بلغت نحو 7 آلاف مليار، ولم يسدّدوها للبنوك، ومن بين الأسماء المعروفة: ناجي المهيري: 355 مليون دينار، ومجمع بولينا: 307 مليون دينار، والطاهر العتروس: 229 مليون دينار، وباطام: 197 مليون دينار، وعبد السلام العفاس: 190 مليون دينار، ومحسن حشيشة: 189 مليون دينار، والإخوة المزابي: 186 مليون دينار، ولطفي عبد الناظر: 180 مليون دينار، وتوفيق الشايبي: 140 مليون دينار، وعلي مبروك: 117 مليون دينار، والنوري شعبان: 110 مليون دينار، وجلال بن عيسى: 105 مليون دينار، وفريد عبّاس: 48 مليون دينار، والمنصف السلامي: 41 مليون دينار. نصف ميزانية تونس وتظهر أرقام معاملات عدد من المجمعات والشركات الخاصة سنة 2015 أنّ حجم معاملات 30 مجمعا وشركة بلغ رقم 17,954155 مليار دينار، أي أكثر من نصف حجم ميزانية الدولة للسنة نفسها، والمقدرة ب 29 مليار دينار. وحسب الأرقام المنشورة في مجلة l'Economiste عدد جانفي 2017، بلغت معاملات المجامع والشركات المذكورة الأرقام الآتية (بالمليون دينار): مجمع المبروك: 3150000/ بولينا هولدينغ: 2458285/ مجمع اللومي: 2300000/ مجمع بوصبيع: 2060394/ مجمع البياحي: 1400000/ مجمع الوكيل: 783000/مجمع دليس: 730802/مجمع محسن حشيشة: 471466/مجمع الحمروني: 468562/مجمع سلامة: 455549/مجمع عبد الناظر: 363114/مجمع صوروبات: 330000/مجمع ليلا: 324960/مجمع الحمامي: 270943/مجمع التريكي: 246000/ مجمع موبلاتاكس المرادي (المهيري): 245109/مجمع كيلاني: 237429/ ستافيم بيجو: 236614/ مجمع النوري شعبان: 183468/ مجمع مرحبا: 178473/مجمع الزواري (حافظ): 160000/ سانسيلا تونس (عزيز زهير): 133700/ السنبلة الذهبية: 117614/ مجمع جودي: 114000/ الإخوة بوزقندة: 100300/ كوتيفا: 100000/مجمع بونا تونس: 97473 /مجمع أسد: 88900/ مجمع سرفيكوم: 76000/ مجمع شكيب نويرة: 72000. وتظهر هذه الأرقام وجاهة ما تصرّح به أحيانا بعض القيادات النقابية، بمناسبة النقاشات الدائرة في الفضاء العام حول مفاوضات الزيادة في الأجور، عندما تطالب الدولة بالقيام بواجبها في استخلاص الديون والجباية ومقاومة التهرب الضريبي قبل الحديث عن التضحيات الاجتماعية التي يكون الأجير هو الحلقة الأضعف فيها، في حين تعجز مؤسسات الدولة عن القيام بواجبها تجاه المستقوين عليها بثرواتهم.