الاثنين 2 مارس 2020 هو يوم الإعلان عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا المستجد. تاريخ لن يمحى من ذاكرة التونسيين على اعتبار أنه إعلان لانتشار وباء عالمي في بلد مرافقه الصحية محتشمة، إن لم نقل متداعية ووضعه الاقتصادي هش بطبعه. كثيرة هي السيناريوهات التي تبادرت إلى أذهان المواطنين التونسيين، كما تعددت المخاوف من تداعيات انتشار هذا الفيروس على نسق الحياة العادي للمواطن وعلى تأمين قوته اليومي ومصدر رزقه. وقد خيّم التشاؤم على أغلب التونسيين، وسط إحصائيات حكومية تؤكد تصاعد نسق العدوى الأفقية وارتفاع عدد المصابين بالفيروس. كما غذت الأخبار العالمية المتعلقة بتسجيل حالات وفاة بالآلاف وبالظروف الصعبة لإقامة حاملي الفيروس بالمستشفيات هذا التشاؤم. هذا الوضع النفسي العام لم يحاصر العقل العلمي التونسي، وخاصة لدى فئة الشباب، فقد حفزت جائحة كورونا الشباب التونسي على معاضدة مجهودات الدولة للتخفيف من حدة وطأة هذا الوباء ومكافحة سرعة انتشاره من خلال ابتكار أجهزة تعقيم أوتوماتيكية تم الاستعانة بها بمداخل المستشفيات وعدد من الإدارات وإنتاج أقنعة واقية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد موجهة للطاقم الطبي وشبه الطبي علاوة على تصنيع أجهزة تنفس صناعي من أقنعة الغوص لتلافي النقص المسجل على مستوى أجهزة التنفس واختراع “ربوت أمني” يدعم حملات توعية المواطنين على الالتزام بالحجر الصحي العام. “الحاجة أم الاختراع” بهذه الكلمات يفسر الشباب التونسي تحمسهم وإقبالهم على الخلق والإبداع في زمن الكورونا لتجاوز الصعوبات الراهنة في بلد منهك اقتصاديا وشبه معزول دوليا شأنه شأن العديد من الدول الأخرى. ولعل الدعم المادي واللوجستي الذي وفرته الدولة لهذه الفئة من الشباب هو العامل الأساسي لنجاح اختراعاتهم وتحفيزهم على الخلق والإبداع. اختراعات واكتشافات أعادت الأمل للشعب التونسي في إمكانية تجاوز الأزمة بمجهودات ومنتوجات تونسية أصلية ودون التعويل على الحلول الجاهزة التي تتجه إليها تونس والتي عادة ما يكون مصدرها البلدان الأوروبية. كما سلطت اختراعات زمن الكورونا الضوء على واقع قديم يتسم بمحدودية ثقة الدولة بالقدرات المحلية وتقصيرها تجاه الكفاءات التونسية وتجاهلها لطاقة الشباب وقدراتهم الذاتية في مجال البحث والتصنيع، كما تضعها في دور المتهم الرئيس في حالة الكسل البحثي وهجرة الأدمغة.